لماذا العتب على موقف جنبلاط؟

المحلية | | Tuesday, January 17, 2017 7:00:52 AM
أكدت مصادر سياسية بارزة أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط لن يتوانى عن التمسك بما يعتبره ثابتة في هذا العهد، وهو الإعلان عن مخاوفه او رفضه اعتماد القانون «النسبي» بالشكل المطروح، نظراً لما فيه من قدرة على إعادة خلط الأوراق بشكل سيحدث خرقاً في شكل السلطة وتمثيلها بالكامل في وقت يجعل من القوة الاشتراكية في الجبل، بشكل خاص، عرضة لمخاطر أرختها المصالحة المسيحية المسيحية. وفي هذا الإطار لا يتأخر أعضاء الحزب التقدمي الاشتراكي من تكرار موقف جنبلاط، لا بل والإعلان المباشر عن تأييده لقانون الستين من دون إيجاد حرج في ذلك وسط المساعي للتغيير التي عبّرت عنها مجمل القوى «ظاهراً»، حسب تعبير المصدر. ويتساءل المقربون في الحزب التقدمي الاشتراكي «لماذا العتب على موقف النائب جنبلاط؟ هل لأنه يتحدث بصراحة عن تأييده قانون الستين في وقت يجيد آخرون تجميل المشهد والإعلان عن غير ما يضمرون؟ الكل يريد قانون الستين ضمناً!».

ويختم المصدر «تتّضح يوماً بعد آخر المخارج التي تطرحها القوى الأساسية وكيفية ادارة الدولة الجديدة. وملف النفط دليل على مخاوف جنبلاط التي كشفت أن هناك قوى تقاسمت مقدرات الدولة بينها، حسب مصالح المرحلة المقبلة وما تطلبه لإنجاح الثنائيات والثلاثيات المفترضة بين القوى السياسية. وعلى هذا الاساس بدأت حرب حماية المقدرات السياسية بين القوى التي تستشعر الخطر على التمثيل، بينها الحزب التقدمي الاشتراكي. وبعد اعتراض جنبلاط وتوالي التطمينات عليه أو «بحجته «بات اليوم أكثر ارتياحاً فالقوى الاساسية كحزب الله والمستقبل والقوات اللبنانية كشفت عن رغبة بعدم إحراج النائب جنبلاط واعتبار اعتراضه «جوهرياً» لطائفة مؤسسة كالطائفة الدرزية وجنبلاط يذهب للحد الأقصى في هذه الصفة «المؤسِّسة» للقول اذن «تعالوا إلى الإبقاء على قانون الستين مع بعض التعديلات البسيطة»، ووفقاً لمصادر متابعة «صار هذا هو المرجح».

يجيد النائب وليد جنبلاط التأثير على الحراك السياسي القائم بمواقف ربما يدرك سلفاً أنها لن تمر مروراً عادياً، ويدرك أن اعتراضات مثل التي يبديها في أكثر من ملف تحفظ له خطوط «الرجعة» المفترضة إلى الانغماس ضمن الحيثيات الموجودة اليوم. وإذا كانت مسألة انخراط الرئيس بري بالصيغة السياسية الحالية التي اعترض عليها قبل الانتخابات الرئاسية مستحيلة في وقت من الأوقات، بعدما كان مفترضاً أن يشكل معارضة شرسة بوجه عون، فإنّ هذا بات اليوم غير موجود بعدما بدت الأجواء أكثر ليونة بين حركة أمل والتيار الوطني الحر وبعدما تحرّكت الوساطات آخرها من اللواء عباس ابراهيم الذي سيُخصص لقاء ثانياً يجمع الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل بمباركة من حزب الله..

بري شريك جنبلاط في اللعبة المحلية، وجد طريقة مثالية لإدارة المرحلة التي صنفت على أساس أنها حكومة انتخابات، وهي هنا تعني بالمعنى «اللبناني» حكومة الانتخابات وتقسيم أو توزيع المصالح. فلا انتخابات في اللعبة اللبنانية من دون أموال ومكاسب. وهذا يعني أن أحداً لن يكون بمعزل عن هذه المقدرات إذا قرر الانخراط في سياسة العهد. وهو الأمر الذي يبدو متوزعاً بين مصالح سياسية و»مصالحات» وبين حصص ومراعاة هواجس، وإلا فإن العهد المفترض أن يحافظ على سياسة التوافق أقله قبل الانتخابات مقبل على توترات أكيدة.

السؤال الذي يطرح نفسه هو توقيت مواقف جنبلاط وانتقاداته اليومية اللاذعة، خصوصاً في ما يتعلق بالتعيينات والإقالات المتعلقة بوزارة الاتصالات ولجهة إقرار مراسيم النفط التي تبدو أنها شكلت صفارة الإنذار والانطلاق معاً عند جنبلاط الذي يبدو أنه قرر ان يقوم بضربة استباقية تحسباً يضع فيها النقاط على الحروف والأفرقاء امام مسؤولياتهم بالتعاطي مع أزمة يطرحها بحجم «طائفة» في البلاد، وهي الطائفة الدرزية بالتالي فإن استخدام ملف النفط وما كشفه من اتفاقات بين الأطراف ذريعة لاستباق قانون انتخاب لا يتماشى مع مصلحة جنبلاط يبقى الأرجح.

نجح جنبلاط بعرض «بروفا» من المرحلة التي تتحضر فيها البلاد، إذا ما تمّ تجاهل مطلبه بمسألة قانون الانتخاب، والأخطر هو رفعها إلى درجة المسّ بالمسلمات الوطنية وبديهيات العيش المشترك وتقاسم التمثيل بين السلطات والجزء الذي يساهم في ذلك جاء قبل تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري بعد التباين والاختلاف حول إسناد حقيبة سيادية للدروز من عدمها، وإضافة الى حديث صحافي وإعلامي وسياسي بينها مواقف للوزير السابق وئام وهاب الذي يختلف مع جنبلاط سياسياً، لكنه بدا متوافقاً معه بما يعتبر حفظاً وصوناً لحقوق الطائفة الدرزية، الأمر نفسه ينطبق على مواقف الوزير طلال أرسلان. فالطيف الدرزي اذاً ليس راضياً على التمثيل الحالي، فكيف بالحال إذا تمّ اعتبار أنّ ضرورة التغيير بقانون الانتخاب هو مؤامرة لتحجيم الطائفة الدرزية؟

أخيراً يبقى السؤال حول مصير نقاشات دستورية وحقوقية اعتبرت أنّ طرح مسألة مجلس شيوخ قد يكون فكرة مؤاتية بالتوازي مع إقرار قانون نسبي يرشح فيها درزيٌّ رئيساً لمجلس الشيوخ ما يعني أنّ التمسك بخيار الستين وحده كقادر على حفظ الأقليات ليس حلاً مقنعاً بالنسبة للفئة الطامحة للتغيير من نسيج الشباب والمجتمع اللبناني، إنما هي مخرج واضح يناسب كلّ القوى بعدما غابت أسباب الخلاف بتقاسم الحصص والمصالح التي تسحب من الشارع أيّ ضغط ممكن باتجاه تظاهرات اتضح تسيّسها بعد غيابها عن الساحة اليوم في لحظة مفصلية من هذا النوع!

بحث

الأكثر قراءة