أبطال حكومة التسكيج "صيتن سابقن"... و "يا رب تنجينا"!

التحري | | Saturday, September 11, 2021 9:43:50 PM


فتات عياد-التحري

تمت "مهمة" تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بنجاح، وهي حكومة "حفظ ماء وجه" المجتمع الدولي الضاغط في سبيل تشكيلها، لا سيما الفرنسي بشخص الرئيس إيمانويل ماكرون. ولم يعرف اللبنانيون على أي "تسوية" رست الحكومة، ولا على أي "حصص" اختلف المؤلفون طيلة شهر من محاولات التأليف المستعصية، ولا على أي "حصص" اتفقوا آخر 48 ساعة قبل إعلان مراسيمها. لكن وبظرف 24 ساعة، استطاعوا معرفة القليل عن وزراء هذه الحكومة، وهو ما كافياً ليبشرهم بأن "طينة" هؤلاء الوزراء –غالبيتهم على الأقل- هي نفس طينة أسلافهم، وأنّ ما خفي في سيرهم الذاتية، كان أعظم!

والحكومة التي ضمّت شخصيات مصرفية، وشخصيات محسوبة على عدة جهات إقليمية، وشخصيات هامشها السياسي متحرك، وصفوا بـ "الوزراء الملك"، حظيت بغطاء دولي أشبه بتسوية مرحلية، ترافقها تسوية داخلية ميقاتية-باسيلية بقيادة "الصهرين"، أي رئيس تكتل لبنان القوي صهر الرئيس عون، ومصطفى الصلح، صهر طه ميقاتي (شقيق نجيب ميقاتي). وهي تسويات "ما بين الصهرين"، التي أفضت إلى حكومة "التسكيج"، لإدارة مرحلة ما قبل الانتخابات- بالتي هي أحسن للطبقة السياسية- ودائماً على حساب الشعب اللبناني..

على حساب الشعب
أما ثمن نجاح عملية التأليف، التي تزامن فيها مساران تسوويان أحدهما إقليمي وآخر داخلي، فمن "كيس" اللبنانيين، سواء لناحية حيازة فريق عون على الثلث المعطل، أو وجود حزب الله في الحكومة، في ظل انفتاح رئاسي على العودة للتنسيق مع سوريا، اقله لاستجرار الكهرباء من الأردن بموافقة أميركية، وفق "الاتفاق الرباعي".

وأبرز ضحايا الحكومة، العدالة بملف انفجار مرفأ بيروت، والاقتصاد اللبناني مع حصر توزيع الخسائر المالية والحلول لإدارة الانهيار بالشعب للبناني في ظل اتجاه لبنان لمفاوضات قاسية مع صندوق النقد الدولي، كمسار لا مفر منه لوضع البلاد على سكة الإنقاذ.
وهي توقعات، لكنها منطقية، في ظل حكومة يترأسها من استفاد من قروض مدعومة، وهو من أغنى أثرياء الشرق الأوسط، ابن طرابلس الأكثر فقراً على الساحل المتوسط، وسط وزراء، عدا عن إمساك فريق العهد بحقيبة الشؤون الاجتماعية، كمنفذ الى اموال المساعدات الدولية، واعطاء وزارة الداخلية، المفتاح الانتخابي، لتيار المستقبل، وليست بقية الوزارات أفضل حالاً... بما فيها وزارة الإعلام وحرية الصحافة، مع وزير إعلام كجورج قرداحي، الذي يدعو لإنشاء هيئة تضبط المحتوى الإعلامي!
و 24 ساعة كانت كفيلة بالتنقيب عن "روائح" الفساد العفن في الحكومة، 24 ساعة من إقرار المراسيم، كفيلة لاكتشاف وزراء "من نفس طينة" أسلافهم، وإليكم أبرز تلك النماذج، وللبحث صلة:

وزير الطاقة
وليد فياض، الذي "سال لعاب " جزء لا يستهان به من النساء من شدة إعجابهن بشكله الخارجي فور التداول بصورته كوزير للطاقة. وإذا كان الشكل يغرّ العين ويسحرها، فإن الشيطان يكمن في التفاصيل!
فهذا الشاب شغل منصب نائب الرئيس التنفيذي في شركة بوز ألن هاميلتون (BAH) Booz Allen Hamilton وهي شركة إستشارية أميركية في مجال الإدارة وتكنولوجيا المعلومات، ومقرها العاصمة واشنطن.

وفياض متورّط بإساءة استخدام منصبه وإعطاء معلومات سرية لشركة منافسة لشركة بوز ألن. إضافة إلى استقطاب عمال في الشركة لاقناعهم بالعمل لدى شركة منافسة. وقد ادّعت الشركة عليه وقامت بطرده عام 2017، أي بعد 3 سنوات من عمله فيها.
وأي نوع من الوزراء في وزارة الطاقة هو، الوزارة الغارقة في الظلام، والممسك يها التيار الوطني الحر منذ العام 2010، مع خطة للوزارة، تشوبها صفقات تجرى "بالعتمة"، ووعود بكهرباء 24/24، أوصلت لبنان لحد الوقوع بالعتمة الشاملة!
وزير المالية
يوسف خليل، أو "اليد اليمنى" لرياض سلامة في مصرف لبنان، ومدير العمليات المالية فيه، المسؤول عن ملف الهندسات المالية. وتعيينه مؤشر خطير لناحية انحياز الحكومة للسياسة الاقتصادية والمالية عينها التي أوصلت البلاد للانهيار.
وهو إذ يشرف على الخطة الإصلاحية المنشودة، ويتفاوض مع الصندوق النقد الدولي، لن يكون سوى غطاء للسياسات المالية التي تحمي المصارف وسلامة على حساب المودعين، وتزيد من ضياع الحق من بين أيدي أصحابه، وتعمق الطبقية!
ومع أنه كان غطاء للسياسات المالية التي اتبعها سلامة منذ عقود، لكنه حاول تبرير نفسه بقوله أن منصبه "تنفيذي"، متناسياً أن "الساكت عن الحق شيطان أخرس"!

وزير العدل
أما عن وزير العدل، هنري خوري، رئيس مجلس شورى الدولة السابق، فـ "حدث ولا حرج"، فهو لا يرى عوائق امام القاضي طارق بيطار في ملف انفجار 4 آب، والأخطر، أنه أوحى أن لا سلطة لديه إلا السلطة الإدارية في الملف، وبدا كلامه في إطلالته الأولى على الشاشة أمس هزيلاً. وإذا كان "المكتوب بينقرى من عنوانه"، فعلى العدالة السلام بملف انفجار المرفأ!
فخوري بشّر أهالي الضحايا أن "هناك قضايا تأخذ 10 سنوات ليتم البت بها"، لكن أليس دوره منوطاً بتفعيل وضمان تحقيق العدالة؟
وهو لا يرى مشكلة في التهرب من رفع الحصانات عن النواب المستدعين في القضية، لا بل قالها بصريح العبارة "لن أتدخّل بالتجاذبات السياسيّة في هذه القضيّة". لكن برأي وزير العدل، هل الامتناع عن تحقيق العدالة، ومنع المسار القانوني، "تجاذبات سياسية"؟

بسام مولوي
صدق وزير الداخلية الجديد، بسام مولوي، عندما قال "سنسعى لإراحة أفراد السلك العسكري وسنكون جاهزين للإستحقاق الإنتخابي". إذ هذه هي مهمة المولوي التي أتى لأجلها، هو الذي ركّز أمس على العسكر وحقوقهم، وهو المدرك أيضاً ان الانفجار الاجتماعي سيستنزف الأجهزة الأمنية كما الشعب، والحل لديه محصور طبعا بالقبضة الأمنية! وهو الذي سيدير –لصالح سعد الحريري وتيار المستقبل- العملية الانتخابية المقبلة، وهي عامل حاسم في معركة التغيير التي يعول عليها الشعب، لا سيما الثورة الشعبية، ولن تبخل المنظومة بإدارتها وربما التلاعب بنتائجها، لصالح مكاسبها ونفوذها!


هيكتور حجار
هيكتور حجار، وزير الشؤون الاجتماعية الذي سرعان ما لقّب بـ"وزير الحفاضات" والذي خرج على اللبنانيين بنظرية جهنمية، واتخذ الصين مثالاً اقتصادياً، داعياً المواطنين للتخلي عن الحفاضات، جالداً إياهم، فهذه البضائع و"الكلينكس" أو المحارم الورقية، هي كماليات برأيه، أما البديل فهو "فوط بتتغسل وبتنكوى ومنرجع منستعملها"، وكأن هناك كهرباء أو مياه كافية لتنفيذه خطته السحرية!
لكن أخطر ما في حديثه، وهو وزير على رأس وزارة لديها مهمة إدارة البطاقة التمويلية، هو المخاطبة الدونية للبنانيين، وتحميلهم مسؤولية انهيار بحجة نمط حياة استهلاكي كرسته سياسات مصرفية.
في المحصلة، قد تنجح سياسة "الفوطة" مع اللبنانيين كبارا وصغارا ولو أنهم ليسوا بها مجبرين، لكن سياسة "تنظيف" الطبقة السياسية، هي سياسة أثبتت فشلها لأكثر من 30 عاماً، فـ"السياسيون مثل حفاضات الأطفال يجب تغييرها لنفس السبب"، ورائحة الفساد تفوح من حكومة ميقاتي، ولا قدرة للبنانيين على شراء "الكلينكس" لتلافي تحمل رائحتها!

بحث

الأكثر قراءة