معركة انتخابات نقابة أطباء الأسنان تفتتح باكراً: الأحزاب تعمل على تشويه لائحة "مستقلون منتفضون" وتحاول خرقهم بمنصب النقيب!

قوى تغييرية | فتات عياد | Saturday, October 9, 2021 10:18:40 PM
فتات عياد


فتات عياد - التحري

عندما تذهب إلى طبيب الأسنان صاحب الضمير المهني لا صاحب الفكر التجاري، قد تلحظ أن "أبغض الحلال" لديه هو "خلع" سن من أسنانك مهما بلغت حاله سوءاً، فهو يحاول ترميمه وإصلاحه واقتلاع السوس منه، وصولاَ لخلعه من الجذور عند استعصاء الحالة وفقدان الأمل من العلاج. وبهذه الروحية يبدو أن مجموعة "مستقلون منتفضون" المرشحة على انتخابات نقابة أطباء الأسنان، قررت أن تعمل عبر -عدم المساومة- في معركتها التي تخوضها ضد أحزاب السلطة "كلن يعني كلن"، بعد فقدان الثقة بهم بالكامل، لتكون انبثاقاً عن روحية الثورة، وترجمة لإرادة التغيير عبر استرجاع النقابة من نفوذ الأحزاب، بدعم مجموعة وازنة من الأطباء، تنتظر ملاقاتها على السكة من كل طبيب مستقل، تفادياً لأي خرق سلطوي!

والانتخابات النقابية المقرر حصولها في 28 تشرين الثاني المقبل، تهدف لانتخاب نقيب وتسعة أعضاء لمجلس النقابة، وخمسة أعضاء لصندوق التعاضد، وثلاثة أعضاء لصندوق التقاعد، وعضوين للمجلس التأديبي. ونقابة أطباء الأسنان سبق أن انتخبت نقيباً مستقلاً عام 2018 (هو النقيب الحالي روجيه ربيز)، لكن بدا جليا أن استقلالية النقيب وحدها لا تكفي، إذ أنه كان مطوقاً من ممثلي الأحزاب في مجلس النقابة، من هنا، تعمل "مستقلون منتفضون" على إيصال ثقل وازن من المستقلين إلى مجلس النقابة، وهي تستقطب يومياً عدداً من الأطباء المستقلين، في حين تخشى أحزاب السلطة "قبعها/خلعها" من مجلس النقابة بالكامل، وتحاول أن "تسوّس" المعركة الإنتخابية وتخرقها" على جبهات عدة، حتى قبل توضّح مشهدية الانتخابات وكامل المرشحين!

ونقابة أطباء الأسنان تواجه تحديات كبيرة ككل النقابات اللبنانية بعد الانهيار الاقتصادي الحاد وتداعياته، وأبرزها "التهجير القسري" لأطباء الأسنان وحجز أموالهم وأموال صندوق التعاضد في المصارف... وكلها أزمات تحتاج "نقابيين" خارج دائرة المحاصصة.
فماذا عن برنامج "مستقلون منتفضون"، وما هي المشهدية الأولية للمعركة الانتخابية في نقابة أطباء الأسنان، ثم ما هي خطة أحزاب السلطة لضرب المستقلين؟

من هي "مستقلون منتفضون"؟ وماذا عن آلية عملها؟

وتعرّف "مستقلون منتفضون" نفسها على أنها "منصة تشاركية خلقت من رحم ثورة ١٧ تشرين. تهدف الى استرجاع نقابة اطباء الاسنان من سيطرة احزاب السلطة الطائفية"، ما يضفي عليها صفة التفكير الخارج عن الاعتبارات الطائفية الضيقة، عبر أطباء غير تابعين للأحزاب التي شلّت هيمنتها، روح العمل النقابي!

وفي وقت حظيت "مستقلون منفضون" بدعم بعض مجموعات المجتمع المدني ومجموعات الثورة، وهو أمر يقوّي حظوظها بالفوز بلا شك، لكنها، وعلى المستوى التنظيمي، ارتأت أن تكون الكلمة الفصل لناحية آلية الترشيحات، لأطباء الأسنان المنضوين فيها، على أن يتم اختيار النقيب وبقية المرشحين ضمن آلية شفافة، تأخذ بعين الاعتبار عوامل أساسية أبرزها "الاستقلالية" و"النزاهة" و"المصداقية" و"روحية 17 تشرين". إذ أنه تجري المصادقة على الترشيحات من خلال مشاورات وعملية تصويت.

وتخوض "مستقلون منتفضون" المعركة بلائحة كاملة من 20 اسماً قيد التحضير، وميزتها أنها منصة تشاركية انبثقت منها لجان تشاركية، بحيث يترشح النقيب للهيئة العامة وإذا حصل التوافق على اسمه يتم ترشيحه، وتتم في النهاية غربلة الاسماء، وصولا للاتفاق على مرشح وحيد لرئاسة النقابة. أما المرشح النقيب المبدئي فهو الطبيب رولاند يونس لكن الأمور لم تحسم بعد.

برنامج "مستقلون منتفضون"

و"مستقلون منتفضون" يعتبرون أنه حان وقت كسر هيمنة المنظومة الحاكمة على النقابات، هي التي "شلت البلد ودور النقابات فيه". وأبرز النقاط التي يتمحور حولها برنامجهم هي:
- تكريس فرصة جدية لفريق عمل يلتزم ببرنامج متجانس حر سيد مستقل به بحذافيره دون اي تدخل من الاحزاب، على أن يكون لصالح اطباء الاسنان والنقابة.
-كشف الهدر والفساد وتفعيل المحاسبة في النقابة.
-تحرير أموال صندوق النقابة، ومدخرات أطباء الأسنان التي تبلغ قيمتها 45 مليون وهي محجوزة في المصارف.
- الرقابة على حسن مستوى العمل في العيادات، لإعادة لبنان على خارطة السياحة الطبية
- صرف شفاف لأموال النقابة، والتحديث الإداري وصولا لمكننة المعاملات فيها.
-اعادة النخب من الأطباء الأكفاء التي هاجرت ليكون لديها دور فعال واصلاحي.
- النظر في وضع المتخرجين حديثا غير القادرين على الدخول في سوق العمل وتؤمين معيشتهم، وكذلك النظر في أمر المتقاعدين المحرومين أبسط مقومات الحياة الكريمة.

مشهدية المعركة... "تشويه" للمستقلين!

وتأتي انتخابات نقابة أطباء الأسنان بعد تأجيل للمهل العام الماضي لمختلف انتخابات النقابات، وبعد أشهر على تجربة "النقابة تنتفض" في نقابة المهندسين، حيث منيت الأحزاب بخسارة فادحة كانت ترجمة طبيعية لنقمة "النخبة" على السلطة، بدءا من النقابات.
وفي الانتخابات الأخيرة للنقابة، أي عام 2018، تمكن نقيب مستقل من الوصول فكيف اليوم بعد انفجار مرفأ بيروت الذي هزّ العاصمة والانهيار الاقتصادي وحجز أموال الأطباء في المصارف وتهجير قسم كبير منهم؟ وهي كلها أسباب لا تجعلهم ناقمين وحاقدين على الأحزاب وحسب، بل في صلب المواجهة ضدها، ما يجعلها تلجأ لاختراق المستقلين وإضعاف صفوفهم، كآخر سبيل لها في التمسك بمكاسب ظلت مسيطرة عليها لعقود.

وليست "مستقلون منتفضون" المجموعة الوحيدة التي تخوض المعركة ضد مرشحي الاحزاب في النقابة، فهناك "أطباء الأسنان ينتفضون" المدعومة من جبهة 13 نيسان (بيرون مدينتي، منتشرين، المرصد الشعبي لمكافحة الفساد...)، لكن الثقل الوازن والمعركة الاساسية ضد السلطة تتركز في منصة "مستقلون منتفضون"، التي تنقل مصادرها للتحري "توقعنا بانضمام أطباء الأسنان ينتفضون لنا، كخيار طبيعي بما أن مبادئنا بغالبيتها مشتركة".
في الإطار، يكشف المصدر أن "ترشح مرشحة حزب الكتائب على منصب النقيب إيميلي حايك (لم تتظهر لائحة الكتائب بعد)، جعلت مجموعة أطباء الأسنان ينتفضون محرجة لناحية إمكانية دعمها لمرشحة حزب الكتائب، وهو ما لا يلقى حماسة من غالبية مجموعات الثورة التي لا تعفي الأحزاب جميعها من مسؤولية ما وصلت إليه البلاد والنقابات من تدهور غير مسبوق".

في السياق، يؤكد المصدر أنه "بدأت محاولات ضرب تجربتنا الديموقراطية الحضارية لكننا نقول لهؤلاء نحن لا نساوم على مبادئنا، ونحن ضد الأحزاب جميعها ونعمل بشفافية وإذا كانوا يريدون تسميتنا بـLes puristes بمعنى الذين يرفضون التحالفات الوسطية التي تخرق نقاوة الثورة، فلا مشكلة لدينا!".
ورداً على اتهامها بخرقها من قبل الأحزاب، يقول المصدر "لا نستغرب محاولات نزع ثوب الثورة والاستقلالية عنا، لكن الأطباء المستقلين يعرفون بعضهم البعض جيدا، ونطلب الدعم من قوى التغيير في المجتمع اللبناني، لأن ارادتنا وعملنا الجماعي لتغيير نقابتنا، يهدفون أيضا للتغيير في وطننا".

الخرق عبر مركز النقيب!

وفي حين أن النقيب الحالي مستقل، لكن مجلس النقابة يضم جميع الأحزاب بمن فيهم الكتائب والاشتراكي والقوات اللبنانية والكتائب والمستقبل وحزب الله وحركة أمل، ما كبّل عمله لصالح الأحزاب والفوضى الإدارية في النقابة، ما يعني حكماً أن أي تغيير جذري تغيير جذري فيها، يحتاج لتمثيل وازن للمستقلين!
ومخطط الأحزاب للإستيلاء على مركز النقيب بدأ، لكن تجييش مناصريهم من أطباء الأسنان لم يعد بالأمر السهل، ما جعل تحالفاتهم النقابية العلنية ساقطة، فهم حاولوا بالفعل الاتفاق على نقيب يكون مرشحاً عن التيار الوطني الحر او حزب الله او تيار المستقبل، لكن إقناع مناصريهم من الأطباء بمرشح توافقي بات شبه مستحيل، ما جعلهم ينحون باتجاه مخطط يهدف للاتفاق على شخصية مستقلة يدعمونها جميعهم، تحت شعار "اذا ما منربح ما منخسر".
وأخطر ما في هذا المخطط، أنه يحاول اللعب على وتر المستقلين، ما يعني ضرورة تحصينهم وانضوائهم تحت لواء تحالفيّ قوي، تعمل "مستقلون منتفضون" على تأمينه، مهما استشرست قوى السلطة في محاربتها!

بحث

الأكثر قراءة