"ميليشيا" جديدة تفتُك بالناس!

المحلية | المحرر السياسي | Wednesday, July 20, 2022 5:02:43 PM
ليبانون ديبايت

المحرر السياسي - ليبانون ديبايت

مضى 30 عامًا على سياسة "حشو" الإدارة العامة بالموظفين غير المنتجين بغالبيتهم الساحقة، وذلك بعد تحويل الدولة الى "بقرة حلوب" من قبل الطاقم السياسي الذي لبس البدلة الرسمية بعد "الجعبة" والبدلات "الميليشيوية".

واليوم، تعود هذه العقلية "الميليشيوية" بقالب آخر، بإضراب عام على قاعدة "كلمة حق يراد بها باطل"، لتُعرقَل حياة المواطنين أكثر فأكثر.

وعلى الرغم من أن عدد الموظفين الحاليين يفوق الهيكل الإداري المرسوم للقطاع العام في الدولة، بشكل مخالف للقانون، استكمل الطاقم السياسي وقاحته وقام بتوظيف أكثر من 5000 شخص قبيل انتخابات 2018 النيابية، علمًا أن موازنة 2017 تضمّنت اقرار بند منع التوظيف في الادارة العامة.

لم يعد الأمر مقبولًا، فكلّنا يعلم مدى "انتاجية" غالبية هؤلاء الموظفين، فهم لا يُداومون، ولا نراهم إلا يوم دفع الرواتب، علمًا أن عددهم المهول، الذي من المنطقي أن يتقلّص الى الثلث، مع مكننة الإدارة و اعتماد الحوكمة الالكترونية لـ"تصفير" عداد الفساد، كان سببًا رئيسيًا بإنهاك الإقتصاد الوطني، ليعاني ما يعانيه اليوم من هلاك وترهّل.

فبعد أن صُرف عليهم لسنوات من أموال المودعين في المصارف، اليوم يعطّلون حياة اللبنانيين كافة، بحجة "تمرير رسالة سلمية" الى المسؤولين. فهل يهتز "المسؤول" اذا لم يكن هو المتضرر؟ أم أن القضية برمّتها "زكزكة" سياسية من طرف لآخر؟

لماذا لم نرى هذا الأسلوب بالتعاطي مع الأزمة من مؤسسة الجيش؟ فالعناصر والقيادات يداومون حتى اليوم رغم مسؤولياتهم الكبيرة بحفظ الأمن، في وقت نرى موظفين "بالإسم" يُعلنون الإضراب.

ولا يخفى على أحد "عالم الفساد المخملي" داخل الإدارات، فلم يبق لبناني إلا وتم ابتزازه من الموظفين لدفع الرشاوى لهم، لانجاز المعاملات "بسرعة"، والمعاملة التي كانوا يطلبون لانجازها 100 ألف ليرة، اليوم يطالبون بمليون ليرة وأكثر.

هذا الواقع يثير تساؤلات عدة، فهل من مستفيد يٌعلن الإضراب من دون مقابل؟ أو من دون ايعاز ما؟ هنا تطل السياسة برسائلها من جديد، فكلما أرادت الرئاسة الثانية "مضايقة" الرئاسة الأولى، تقوم بإشهار سلاح الادارة العامة للضغط، إلا أن الثمن لا تدفعه الرئاسات، بل المواطنين كالعادة.

إذًا، نحن نواجه اليوم "ميليشيا" جديدة، تختلف عن ميليشيات الحرب بالشكل، وتحتفظ بجزء من المضمون، فميليشيات الحرب فتكوا بالناس وخطفوهم "عالهوية"، أما الجديدة، فهي تخطف أنفاس الناس من دون تمييز لا ديني ولا طائفي، وتأخذهم دروعًا بشرية لغايات خاصة "في نفس يعقوب".

هذا الواقع العام، لا يعني أن كل الموظفين من هذه الطينة الفاسدة، فهناك من يعمل بضمير، وهؤلاء هم من يُعوّل عليهم لاعادة النهوض بالقطاع العام، عندما تنقلب الآية، ونتخلّص من سطوة "الزعران" على هذا القطاع الحيوي والأساسي لبناء الدولة.

بحث

الأكثر قراءة