لتحرير نقابة المحررين غداً: كفى تقويضاً للوجود المستقّل ومحاصرة للصوت التغييري الفاعل

التحري | مريم مجدولين اللحام | Tuesday, November 30, 2021 8:38:16 PM
مريم مجدولين اللحام


مريم مجدولين اللحام - التحري

نُتّهم، نحن الصحافيّون المُهمّشون خارج نطاق نقابتنا، بأننا موهومون أحلامَويّون، نلوذ بالآمال كلما أرهقنا الحاضر. فليكن، لأنّ بعض أتعاب الحاضر لا يحلّها غير الأمل، ومن ذلك محاولتنا تفسير تواجدنا غداً كمندوبين عن لائحة "الصحافيين المستقلّين" في انتخابات "نقابة محرري الصحافة اللبنانية". ربما جاء قرارنا مباغتاً في توقيته، وغير جَلِيّ أو واضح إذ أننا نخوض معركة "لا خُبز لنا فيها" ضمن نقابة فاقدة للشرعية التمثيليّة أصلاً (لا تحتضننا)... نقابة "استقبل وودّع وواكب حملة التلقيح".... نقابة غير مسجّل فيها قامات صحافية وإعلامية كبيرة كسمير عطالله وغادة عيد وغسّان شربل وراجح الخوري وكميل الطويل!....

من هو الأحلامَويّ، إذاً: نحن أم نقيب المحررين وأعضاء النقابة الذين يدّعون "الواقعية" و"البراغماتية" في تجاهلهم لحقوق كل من يعمل في قطاع الإعلام، حقوق الصحافيّين مخطوفي الصوت والأمان الوظيفي لكنّهم سرعان ما يلجأون إلى بث "الآمال والوعود والأحلام" عندما يتعلّق الأمر "بالتجديد لهم" عند اقتراب الاستحقاق الانتخابي؟ يزيد الطين بلّة أنّ هذه الوعود والآمال المشؤومة مضى عليها سنوات عجاف... والنقابة "مكانك راوح"عاجزة عن مواكبة مطالبنا وتسهيل وصولنا إلى المعلومات، أو حتى القيام بدورها.

ولئن كانت الوعود الفارغة سمة معهودة في سلوكيات أبناء المنظومة الحاكمة، فإنّها لم تعد مستغربة، كذلك، في سلوكيات المُستفيدين المُمتعضين من حضورنا غداً، ومن المستقلّين الذين يتبنّون كسر جمود التجديد لنفس الوجوه والأسماء، تحديداً، أولئك الذين شعروا باهتزاز العروش، فلم يبدوا إلا احتجاجاً، ولم يسعوا إلا تشويهاً للمعركة وبث الذعر في النفوس خائفين من هدم المُسلّمات على رؤوسهم في نقابتهم التي هي أحد أعمدة السلطة ذاتها، بل ما يحفظ ديمومتها.

لهؤلاء نؤكد، أن ما نأمله هو "بناء" نقابة حقيقية لا تنتحل صفة تمثيلنا، تعترف بوجودنا، تحمينا، تخوض صراعاتنا المُحقة، تضمنا جميعاً وفق معايير شفافة لا استنسابية على نظام "الألو"، لا تكون الحقوق فيها "منّة ومونة" بل حقاً مشروعاً، والمقترعون "زملاء كار" لا أتباع. نقابة لا تذهب إلى قنوات الفساد وشراء الذمم والمحسوبيات.
باختصار نقابة لا تفوح منها رائحة المنظومة.

تحصد لائحة النقيب غداً ما زرعته من مُقترعين. نعلم ذلك. إلا أنها تحصد أيضاً سخطنا على ما شاءت أن تكونه كمحض واجهة مُتهتّكة تمرر مهامها الموكولة إليها على هوى الأحزاب الحاكمة الممثلة فيها بدقة متناهية... وتسوّغ لمن يريد الاستفادة أن يستفيد. هشّة تنفذ ولا تخطط، مع إسباغ بعض المهابة الزائفة عليها.

على أية حال، ليس واضحاً بعد ما إذا كان صنّاع القرار ضمن "نقابة محرري الصحافة اللبنانية" قد وصلوا إلى قناعة راسخة بصعوبة الاستمرار في النهج الإقصائي السلطوي الذي اعتمدوه على مدى أعوام؛ وهو نهج تهميش من لا يفقه "التطبيل".

نهجٌ لم يحاول إيجاد الحلول لتآكل المداخيل ولا للصحة النفسية لمعظم الصحافيين المواكبين للأحداث المؤلمة بشكل يومي، والتي تُلقي بظلال ثقيلة على قدرتهم على الاستمرار... نهج "التطنيش" عن الأحوال المعيشية التي لا شك أن ضيقها قد يؤثر على الاستقلالية المهنية للزملاء وعلى تطويرهم لأدواتهم ومواكبتهم لما يستجد.

نهج أبى الدفاع عن أي صحافي طُرد تعسفياً، أو حُرم من حقوقه المالية.
نهج يغض الأبصار عن القمع المتكرر الذي نتعرّض له في مهنتنا، وعن تغيير طبيعة عقود عملنا وتدني قيمة رواتبنا والتأخر في تلقيها لشهرين أو أكثر في بعض الأحيان.

ويرافق ذلك إصرار نقابة "أم الوعود" هذه، نقابة توصف بأنها "أحد أذرع السلطات الرئيسة الثلاث"، على مواصلة تقييد الصحافيين بجملة من المواد القانونية والإجراءات التنفيذية التي تحمل صبغة "مضبطة الحريات"، في قانون إعلام خبيث يصوغونه حالياً في أروقة الوزارة، ضمن بيئتهم العاجزة عن إحداث إصلاح جوهري يؤسس لمسار إنقاذي لنا ولقطاعنا.

نهج أدّى، في نهاية المطاف، إلى انتكاسة حرية التعبير وشبه إلغاء التعددية الإعلامية، وتململ واضح بين المنتسبين أنفسهم، ورفض صريح منهم بالذات "من وراء ستار" للوضع المزري القائم، وذلك بفضل قدرتهم على طمس الأصوات "المتفجرة"، واستبدالها بأقلام "خاضعة" لا تستوقف قارئًا، ولا تشدّ انتباه متابع.

أما الجديد "المطموس"، وتم تحييده، فهو أن غالبية المهمشين عن نقابتكم الكريمة، هم صناع محتوى اليوم والغد. لذا استمتعوا بـ"آخر الموسم". فنحن من، نعدكم خوض معركة تحرير نقابة المُحرّرين من خارج أسوارها ومن الداخل. خطوتنا الأولى غداً، فـ"أعدّوا لنا ما استطعتم" من عراقيل.

بحث

الأكثر قراءة