منظومة المصارف في قفص "أخذ الحق باليد" جمعية بنين نموذج للإنتصار!

التحري | | Monday, July 5, 2021 11:25:13 PM


فتات عياد - التحري

استعصت منظومة المصارف على اللبنانيين حتى بعد انهيارها، إذ أنها وإن "أساءت الأمانة" بتوظيفاتها لأموال المودعين، وبتحويل أموال كبار المودعين للخارج -على حساب- حسابات صغار المودعين، لم ينبها من غضب الشارع أكثر من تحطيم واجهة مصرف، أو قرار قضائي فردي، أو تعميم لحاكم مصرف لبنان، يعطي الناس "دولاراتهم" على أسعار صرف تذر الرماد في عيون المودعين!

وحدها جمعية بنين الخيرية استطاعت نيل حقها "بيدها" وإجبار البنك السويسري على التعاطي معها "الند للند"، وعلى معاملتها كصاحب حق لا كمتسوّل له.

وجمعية بنين استطاعت عبر حوالي مئة شخص نزلوا إلى فرع من فروع المصرف، أن تجعل المصرف يرسل حوالة لها إلى تركيا بقيمة 140 الف دولار، بهدف إنقاذ مرضى بحاجة ماسة للعلاج، وهو الهدف الذي وضعت لأجله الأموال في المصرف!

ولكن ما إن خرج اصحاب الحق من فرع المصرف، حتى أوقفت الحوالة الثانية، وقيمتها 23 ألف يورو، ليتم بعدها توقيف رئيس الجمعية ومديرها والتحقيق معهما كأنهما ارتكبا جرماً. لكن الجمعية لم تستلم. فهذه "أموال فقراء"، فما كان منها إلا أن أعطت المصرف مهلة 96 ساعة لإرسال الحوالة الثانية، وإلا الإتجاه لإجراءات أخرى، فكان لها ما تريد!

انتصار لكل مظلوم مع المصارف!

وفي اتصال مع "التحري"، يهدي مدير المؤسسة جاد بيضون، الإنتصار "لكل مريض وشخص ظلم في هذا البلد مع البنوك". فهو "انتصار للعوائل الفقيرة والمظلومة في لبنان".
ويشرح المحطات التي مرت بها الأحداث، إذ "بعدما أرسلت الحوالة الأولى اثناء حضورنا، فضلنا الانصراف أمام تذمر الموظفين واضطراب الأجواء، واعتبرنا أن الحوالة الثانية سترسل هي الأخرى، لكن ما إن أدرنا ظهرنا ومشينا حتى أن أوقف صاحب البنك اللبناني السويسري السيد تنال الصباح، حوالة اليورو، مما اضطرنا لإمهال المصرف 96 ساعة للعودة عن قراره".

ويعزو بيضون هذا "الإنتصار" اليوم، وانصياع المصرف للمهلة التي حددتها الجمعية لسببين اثنين: والأول هو السير بالتحقيقات والدور الذي لعبه القضاء، والثاني هو "وضوحنا في الإعلام وحسمنا لجهة أن الموضوع معنا لن يمر حتى الحصول على الأموال. فالبعض يمكن ان يطلق الشعارات ويكتفي بها، أما نحن فإن قلنا نفعل، وكما يقول المثل "إسأل مجرب"، والبنك السويسري جربنا!

ويلفت إلى أنه "قبل نزولنا في المرة السابقة قمنا بإنذار المصرف، وقلنا بأن هذا المال لن نستغني عنه ونحن نعرف كيف نسترده. لكن المصرف اعتقد أننا نمازحه، أما ونحن نريد أكل العنب وليس عرض العضلات، إذ أن هناك مرضى مسؤوليتهم في أعناقنا، فالمصرف مخطئ إن اعتقد أننا كغيرنا نتظاهر ثم نعود أدراجنا".

ويضيف "من هنا عندما أمهلناه 96 ساعة كان المصرف يعرف ماذا يعني تهديدنا، وأن التأخير لساعة إضافية معنا لن ينجح، وأننا سنقوم بالإجراءات التي نراها مناسبة".
ويضع بيضون تصرف المصرف عبر القيام بإرسال الحوالة، في خانة "تدارك الموضوع عبر الخطوة الصحيحة لأجل المصرف ومصالحه والبلد ككل". و"ها نحن وعدنا ووفينا وكنا سنطبق وعدنا لو مهما حصل".

أثنى كثيرون على خطوة الجمعية، في السياق، نسأل بيضون إن كان يدعو الناس للحذو حذو جمعيته للضغط على استرجاع أموالهم، ليقول "نحن كجمعية بنين لا نقول للناس ماذا تفعل فهي أدرى بأفعالها، لكنني شخصياً أستغرب قبولهم بهدر أموال ادخروها لسنوات وإعطائهم فُتاتها". مشدداً على أن "اموالنا في الجمعية أموال فقراء وعدم انتزاعها هو سرقة لا تمر، وعندما اقفلت طرق استردادها بوجهنا بما فيها القضاء، وجدنا الحل، وكان التشخيص صائباً".

وعما إذا كانت هناك أموال أخرى للجمعية في المصرف عينه، يؤكد "أخذنا حقنا، لكن المصرف من جهته حرك ملفا قضائيا في تركيا للضغط لاسترجاع الأموال، مفيداً بمعلومات مضللة فحواها أنه أرسل الحوالة تحت قوة السلاح، ونحن ردينا على الجهات التركية المعنية بالملف، وأرسلنا لها فيديوهات تكذّب اتهامات المصرف.
السجن أرحم!

و"هذه أمانة وليست أموال جاد بيضون أو محمد بيضون رئيس المؤسسة، ورئيس الجمعية عنده حساب بالدولار في المصرف وكان باستطاعتنا الضغط للحصول عليها مع أموال بنين، لكننا لم نفعل".

إذ أن "الأمانة أصعب من المُلك، وفي أيدينا أمانة أموال هناك من تبرع بها لفقراء، وهناك أمانة أصعب وهي أرواح المرضى، ومنذ سنة ونحن نعيش حالة خوف مستمر ونستيقظ كل يوم ونحن نخشى أن يتوفى أحد بسبب عدم تمكنه من العلاج الطبي إثر تعذر سحب الأموال، واليوم بات ضميرنا مرتاحاً". خاتماً "قالوا لي خلال التحقيق أن ما قمنا به قد يتسبب لنا بالسجن فكانت إجابتي أنه اجمل لنا من ان نحمل في رقابنا ذنب موت أحدهم.

ولعل انتصار جمعية بنين يكون درساً للبنوك التي أساءت الأمانة، فجاء من يلقنها درساً في حماية حقوق الناس وأموالهم، لا السطو عليها!

بحث

الأكثر قراءة