خاص
رصد
أمن وقضاء
أخبار مهمة
اقتصاد
كريبتو
رياضة
فن
رداءة الإنترنت في لبنان: هروب الإستثمارات وتراجع الناتج المحلي للفرد!
التحري |
| Sunday, July 11, 2021 4:50:51 PM
فتات عياد
لم يعد خافياً على أحد أن الأزمات المتلاحقة من صعوبة في التمويل إلى تراجع في التغذية الكهربائية، تهدد جودة شبكة الإنترنت في لبنان وقد تؤدي إلى انقطاعها كلياً. لا بل أنّ وزير الاتصالات طلال حواط كان قد اعترف في حديث سابق لـ"التحري"، بخروج 10 % من محطات الإرسال عن الشبكة!
وهذا الوضع –غير الطبيعي- يطرح تساؤلات عدة حول مستقبل المال والأعمال والإستثمارات في لبنان. فكيف يبدو سيناريو "العزلة عن العالم"، وماذا يعني أن يعمل اللبنانيون، الذين بات الإنترنت يسيّر غالبية أعمالهم، في ظل جودة رديئة للشبكة؟
العالم... إلى "الأونلاين" دُر!
وفي حديث لـ"التحري"، مع البروفيسور روك-أنطوان مهنا، رئيس الرابطة العالمية للإقتصاد-فرع المشرق، عن خطورة انقطاع الاننترنت في لبنان، أو انخفاض جودته -في أحسن السيناريوهات- يعلّق مهنا بالقول، "هذا ما نحذر منه منذ فترة". إذ "ما عاد هناك دولار فريش لتمويل القطاع، ما يعني أن تمويله سيكون من أموال المودعين المتبقية".
و"خطيرة جداً" هي انعكاسات انقطاع الشبكة ورداءة جودتها، يضيف مهنا "فهي تتسبب بخسائر فادحة في الإقتصاد، إذ أنّ الإنترنت ليس ترفاً، بل هو ضروري تماماً كالبنزين والكهرباء وذلك لعدة أسباب".
-فعلى صعيد القطاع التربوي مثلاً، لم يكن أداء التعليم والتعلم عن بعد ذو فاعلية بالقدر المطلوب في لبنان أثناء انتشار جائحة كورونا، وكانت رداءة نوعية الإنترنت، أبرز العوامل المؤثرة.
-أما على صعيد الأعمال، فالوضع أصعب، إذ أن العالم تغير بعد انتشار الجائحة، واتجه نحو العمل "أونلاين".
ويعطي مهنا أمثلة عن شركات ومصارف عالمية دخلت في النظام الجديد، أي "العمل عن بُعد" كـ "بنك أوف أميركا، مورغان ستانلي، وسيتي بانك"، بعدما "اكتشفت تحسناً في الأداء الوظيفي من المنزل، بنسبة 65%".
وصحيح أن النسبة قد تختلف وفق القطاعات، لكن العمل عن بعد "يضفي عنصر الحماس على الأداء لناحية جلوس الموظف مع عائلته فترة أطول والمرونة في الحضور إلى مراكز العمل".
وهنا، ينبه مهنا إلى أنّ العمل عن بعد سيكون "المعيار العالمي للأعمال حتى بعد انتهاء الجائحة". وهو يتطلب "بنى تحتية وانترنت سريع بكلفة قليلة، وهي عوامل غير متوفرة في لبنان، ما يعني أنه عوض الاستفادة من العمل عن بعد في لبنان، قد يعود علينا الأمر بالنقمة"!
أزمة البنزين... والإستثمارات الهاربة!
وفي لبنان بالأخص استعاضت بعض الشركات عن حضور موظفيها، بالعمل عن بعد بسبب الشح في توفر مادة البنزين وارتفاع كلفة التنقل وأزمة ازدحام السير. في الإطار، يلفت مهنا إلى أن "هذا التحول يقلل كلفة إيجارات المؤسسات وما تتطلبها من بنى تحتية". أما ومع رداءة الإنترنت، "فهي تنعكس سلباً على الأعمال محلياً".
والتأثير ليس محلياً وحسب، "فجودة الإنترنت هي عامل حاسم في جلب الإسثمارات الخارجية وتفعيل الإقتصاد اللبناني من جديد، سيما مع انخفاض الكلفة في البلد بسبب تدهور العملة المحلية".
في السياق، يلفت مهنا إلى "وجود مؤشر في البنك الدولي تحت مسمى تبسيط أداء العمل"، والذي "تطّلع عليه الشركات العالمية متعددة الجنسيات كمحدد أساسي عند اتخاذها قراراً للاستثمار في بلد معين".
وصحيح ان في لبنان عوامل أكثر سوءاً من الانترنت كالوضع السياسي والاقتصادي المتردي، "لكن حتى مع في حال الإستقرار، يبقى الانترنت مؤشراً أساسياً، سيما لناحية جودته وكلفته".
فضعف الشبكة وانقطاعها "يؤديان إلى هروب الاستثمارات الجديدة، على الرغم من انخفاض كلفة الإنتاج في لبنان، وهي مصيبة جديدة تضاف إلى مصائبنا".
وبعيداً عن مؤشر البنك الدولي، تجدر الإشارة إلى أن شركة "CircleLoop" البريطانية لحلول وخدمات التكنولوجيا، صنّفت لبنان في مرتبة متأخرة هي 75 من بين 85 دولة حول العالم على مؤشر العمل عن بعد للعام 2021. وهو مؤشر يقيس جاذبية للبلدان لـ"الرحّل الرقميين والعمل عن بعد". وهي تستند في تصنيفاتها لثماني مؤشرات، من بينها معدل سرعة خدمات النطاق العريض الثابت والإنترنت عبر الهاتف المحمول في بلد ما، ومعدل الكلفة الشهرية لخدمات النطاق العريض الثابت، أي أن سرعة الإنترنت وجودته تعتبر عاملاً حاسماً في جلب الإستثمارات و"الرّحل الرقميين" والذين يمكن لأعمالهم أن تدخل الفريش دولار إلى البلاد، وتحرك دورة الإقتصاد فيه.
من جهة أخرى، لا يغفل مهنّا أنه في لبنان "وفّرت خدمة الواتساب كلفة النقل على المواطنين، حتى للمهن الحرة، عبر خدمات الديليفري حتى للتبادل التجاري".
ويشبّه الإنترنت على الهاتف المحمول بـ "المكتب المتنقل" الذي يربطنا بأعمالنا وبالعالم الخارجي، فهو يوفر علينا كلفة السفر ويتيح لنا القيام بمعاملاتنا أينما كان، وباجتماعات عمل تصلنا بشركات وأشخاص حول العالم"، وهي "ميزة ستزيد أهميتها مع توجه الأعمال نحو الأونلاين".
تراجع الناتج المحلي للفرد
ويعزو مهنا وضع القطاع في لبنان إلى "أخطاء ارتكبت على مدى سنوات وفساد وقلة كفاءة جعلوا القطاع ينحدر من سيء الى أسوأ"، محذراً من أن رداءة الشبكة تؤثر على انتاجية الأفراد والشركات، وتنعكس تراجعاً في الناتج المحلي للفرد.
وبالأرقام، فقد انخفض دخل الفرد في لبنان من 7660 دولاراً عام 2019، إلى 2745 دولاراً عام 2020، مع تراجع 50 مرتبة عالمياً.
هذا وتوقع "صندوق النقد الدولي" نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبنان عند -25% في عام 2020، وهو ثالث أسوأ أداء على مستوى العالم بعد فنزويلا وليبيا!
من جهته، يلفت مهنا إلى أن "نسبة مشتركي الخليوي في لبنان من الأعلى بين دول الشرق الاوسط، وهي حاجة اجتماعية بلا شك، وليست محصورة بعالم الأعمال"، خاتماً حديثه.
وكيف لا يكون الإنترنت حاجة اجتماعية للبنانيين؟ كصلة وصل بين المقيمين والمغتربين؟ وكيف لا يكون حاجة للمنكفئين عن الشارع الذي فقدوا منه الرجاء، الثائرين "في منازلهم" وعبر الشبكة العنكبوتية؟
وللمفارقة فإن انتفاضة 17 تشرين حرّكتها ضريبة وزير الاتصالات السابق محمد شقير على الانترنت. فهل تكون رداءة الشبكة وقوداً لانتفاضة ثانية، قبل دخول لبنان في "عزلة" كلية عن العالم؟
بحث
الأكثر قراءة