وثائق "بندورا": كلن يعني كلن تشمل متسلقي الثورة

حقوق الناس | مريم مجدولين اللحام | Tuesday, October 5, 2021 8:43:52 PM
مريم مجدولين اللحام


مريم مجدولين اللحام - التحري

يتبيّن الدارس، من خلال النّظر في تمثّل السياسيين لشعار "كلن يعني كلن"، أنّهم يرفضون أن تكون علامة واسمة لجميع قادة لبنان المنشودين. فعندهم أنّ شموليّة الشعار الثوري هذا، باعتباره تصوّراً للمحاسبة، يتعارض مع مبدأ "الإتيان بالأدلة الكافية" لوصم كل من دخل معترك السياسية بالتلوث في "هراء" منظومة المافيا-ميليشيا.

إلا أنه لا مهرب من واقع أن "لا حدود فاصلة بين ثروات الزعماء والمال العام". وأن لغالبية الطامحين إلى السلطة، بمن فيهم من يتسلق الثورة من باب المعارضة، أموال غير مبررة المصدر وشركات "أوفشور" لا تهدف فقط لإيجاد ملاذ ضرائبي، بل فعلياً لتحييدهم كأصحاب نفوذ مالي-سياسي عن الإنهيار المصرفي الذي يواجهه لبنان حاليا وتمكينهم من تهريب ثرواتهم غير المشروعة خارج "رادار العقوبات".

هي المعادلة اللبنانية للفساد، بكل حمولاتها الثقيلة على المستوى الإقليمي ـ الدولي، وكذلك الداخلي، تربط ما بين الشخصيات السلطوية الوقحة أو "الفاسدون على راس السطح غير الآبهين بالفضائح" من جهة وبين الشخصيات الوقحة "الشابكة" مع القوى السلطوية "تحت الطاولة" ومع بعض وجوه الوراثة السياسية والإقطاعية والزبائنية والمال السياسي المتلطّي خلف شعار "السيادة" من باب اقناع الشعب أنهم ليسوا من "كلن يعني كلن" آملين اختراق صفوف التغييريين وإحداث انزياحاتٍ سياسيةٍ في مواقف المواطن المسكين من اسمائهم، لجهة اعتدالهم في طروحاتهم السياسية القريبة من تطلعات الناس.

وبما أن غالبية وسائل الإعلام، تميل إلى القاء الضوء على "قروش الفساد الكبيرة" في تسريبات وثائق باندورا التي سلّطت الضوء على العديد من أسرار "شركات الواجهة" المسجّلة في ملاذات ضريبيّة والتي تخفي أموال وممتلكات وراء البحار للعديد من النافذين حول العالم بما في ذلك لبنان... كان لا بد من الكتابة عن الـ"Useful Idiots" أو "الحمقى المفيدين" كمصطلح سياسي يصف الذين تظهر أسمائهم، كـ"مغفلين" بالمعنى الإستخباراتي للأمور، وقد استفادت منهم المنظومة الشنيعة واستخدمتهم بشكل ساخر دون استيعابهم الكامل لما قاموا به. ذلك بخاصة أنهم، ممن يتسلق الثورة ويلبس ثوب "التبرؤ" من الفساد... إذ نجد مثلاً بين وثائق باندورا كشوفات مصرفية وإقرارات ضريبية وسجلات تأسيس وعقود عقارات واستبيانات وبريد إلكتروني، يطال أشخاص ثانويين انخرطوا في شبهات الفساد هذه كالنائب المستقيل نعمة افرام، والمرشح السابق عن طرابلس شريك تحسين خياط المهندس يحيى مولود.


نعمة افرام "الإصلاحي التغييري"

ومن أبرز الأسماء التي تكرر ظهورها في وثائق "باندورا" بحسب منصة "درج" (وهي شريكة "الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية ICIJ" الذي كشف الوثائق في لبنان)، هي عائلة إفرام وأبرزها النائب المستقيل نعمة افرام وعائلته: منير، فيصل، كريم، مكرم، مروان، جهاد، فادي، شفيق، بهجت، ربيع، منيرة، ثريا، ريا، وسهى.

وبالإضافة الى كون سجله على حد وصف "درج" يتضمن "الكثير من شركات الأوف شور غير المعلن عنها" فهو رجل أعمال معروف التصق اسمه بالعهد القوي، ورموزه، كنائب في البرلمان اللبناني عن لوائح التيار الوطني الحر قبل أن يختار "قلب البارودة من كتف الى كتف" والبحث عن حيثيته الثورجية الخاصة القريبة من نواب "الكتائب" وبولا يعقوبيان الذي بالمناسبة قد اختار الاستقالة وإياهم من العمل النيابي بعد انفجار الرابع من آب مطلقاً مشروعه السياسي والاقتصادي الخاص تحت اسم "مشروع وطن الإنسان" ليمهد لنفسه إعلاناً انتخابياً مسبقاً في طريق توحيد جهده مع جبهة المعارضة المزيفة هذه، من مجموعة متسلقي الثورة التغييرية الحقيقية.

وبانتظار أن تنشر "درج" تفاصيل شركاته اللاجئة إلى الجنات الضريبية وتفضح تفاصيل انشطته المالية وأسباب لجوءه إلى ملاذات خارجية الموصومة بأنها ليست إلا أمكنة يُخبئ فيها الفاسدون الأصول في شركات سرية وصناديق ائتمانية، في الوقت الذي لا يفعلون، كمشرعين ورجال دولة، شيئاً يُذكر لمنع تهريب الأموال غير المشروعة من لبنان والتي لا شك أنها تُثري المجرمين وتفقر الدولة... أو يشرح لنا هو، كنائب يطرح نفسه على لائحة التغييريين، لماذا سعى إلى إبقاء أنشطته المالية في الخفاء وتحديداً في جزر فيرجن البريطانية، وهي ولاية قضائية معروفة منذ فترة طويلة بأنها مركز رئيسي لشركات الأوفشور؟ ولماذا اختار يا ترى نظام الأوفشور المعروف بسريته ونظامه المعقد والمشبوه؟

يحيى مولود "البديل"


والتحقيق الذي أطلق عليه اسم "وثائق باندورا"، ثمرة عمل أكثر من 600 صحافي في 117 دولة، بحسب الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية قد ذكر أيضاً إسم "الثائر" عضو مكتب سياسي في حزب لنا التغييري لا بل كان مولود قد ترشّح على الانتخابات الفرعيّة في طرابلس عام 2019 بعد أن أبطل المجلس الدستوري نيابة ديما جمالي مرشحاً بصفته "خياراً بديلاً للسلطة التقليديّة" بالرغم من تعامله مع مؤسسة كهرباء لبنان في صفقة بالتراضي رفضت وزارة المال الالتزام بها فتقاضى أتعاب صفقته من أموال الجباية، وحاول مراراً وتكراراً التنصل من أفعاله وذلك عن شركة MEP المسجّلة محليّاً وأوف شور، والتي كان يملك فيها عند ترشحه 5% من الأسهم وقد تضمنت كلّاً من: يحيى مولود، كريم، كرمى وناديا تحسين خياط وغيرهم. إذ أن تحسين خيّاط، ليس فقط من الشخصيات البارزة في الوثائق المسربة، بل أحد أبرز الداعمين لمولود في مسيرته المهنيّة.

إنما هذه المرة تم ذكر مولود من باب التسريبات التي طالت مروان خير الدّين، رئيس مجلس إدارة ومدير عام بنك الموارد الذي "استلم إدارة شركة دريفت وود ليمتد بعد استقالة يحيى مولود". وفي التفاصيل، نجد أن يحيى مولود قد ساعد مروان خير الدين "لتقريش أمواله" في يخت بقيمة 2 مليون دولار أميركي في صفقة مبهمة قبل أشهر من الانهيار الاقتصادي في لبنان ومنع المودعين من سحب أموالهم. فبحسب الأوراق التي حصلت عليها درج يظهر أنه في نيسان/ أبريل 2019 حصل خير الدّين من خلال الشركة الموكل إدارتها إلى مولود على يخت بقيمة 2 مليون دولار أما تبرير المولود لمنصة درج فجاء ليُظهره على أنه "الشخص المناسب في المكان المناسب" الذي استفاد منه خير الدين بحيث كان مولود "مساهماً في شركة اشترت قارباً لاستخدام فريقها التنفيذي وشركائها التجاريين" وقد "تم تسجيل القارب في جزر العذراء البريطانية" دون أن يبرر لماذا التهرب الضريبي هذا ولماذا تم تسجيل هذا القارب باهظ الثمن في ملاذ ضريبيّ، ويتابع تبريره قائلا "وبسبب الوضع المالي الصعب في ذلك الوقت، في لبنان، حصلنا على قرض من مروان خير الدين، وتم تحويل المركب إليه كضمان" وبهذا يكون ليس فقط خفف العبء الضريبي بل سهل لخير الدّين عملية إنقاذ أمواله "بينما سمح، لا بل ساهم، بمصادرة أموال مودعي مصرفه وسائر المودعين."

هذا... التغييري الثائر، يحاول اليوم تسخيف ما فعل والتهرب من واقع أنه سياسياً يوصف بتعبير "الـUseful Idiot" ليس من باب القدح أو الذم على الإطلاق، بل من باب الوصف السياسي الدقيق اصطلاحاً (ابحثوا على محرك غوغل للتفاصيل). والأغرب أنه لا يزال يُصرّ على كونه "بديلاً" عن منظومة نجد اسمه كل مرة "بالصدفة" بين أوراق صفقاتها.


بحث

الأكثر قراءة