"النادي العلماني في النبطية": نرفض المشاريع الإقليمية ونعول على شباب وشابات الجنوب الحالمين بوطن منحاز للمواطن أولاً

قوى تغييرية | | Tuesday, November 16, 2021 5:38:00 PM


فتات عياد - التحري

أمس احترق الجنوب، ولم تطفئ نيران أحراجه سوى أيدي متطوعي الدفاع المدني، فيما غابت الدولة كعادتها عن المشهد، هي المغيّبة عن الجنوب لصالح دويلة حزب الله، التي لم تحشد ولو مقاتلاً واحداً من الـ 100 ألف مقاتل الذين هدد بهم الحزب اللبنانيين بالحرب الأهلية، ليطفئوا جنهم التي أحرق لهيبها أرض الجنوب، مع أنه من المفترض أن علّة وجودهم مرتبطة بتحريره!

ووحدها "شياطين" الكسارات التابعة للثنائي الشيعي، كانت حاضرة في أحراج الجنوب المحروقة. من هنا، وبعد أيام فقط على تأسيسه، أكّد النادي العلماني في النبطية صراحة على "ضرورة كف يد حركة أمل وحزب الله عن المساحات الحرجية في الجنوب إن كان لغايات عسكرية أو لغاية مشاريع مبنية على الزبائنية والتنفيعات وسلب الأراضي والمشاعات لمراكمة الثروات على حساب اللبنانيين"، في خطاب عالي السقف، قلما شهدته الأحزاب المعارضة جنوباً!

ومنذ ثورة 17 تشرين، والنوادي العلمانية تتوسع في الجامعات وكذلك حالة إنشاء النوادي العلمانية في المناطق. لكن النادي العلماني في النبطية تحديداً، يكتسب أهمية قصوى نظراً لموقعه جنوباً حيث منطقة نفوذ حزب الله "العسكرية"، وكان ما عاناه حراك النبطية من ترهيب وحرق للخيم واعتداء على المنتفضين عام 2019، كافياً لإظهار خوف الحزب المسلح من نواة تغييرية ذات خطاب علماني، ترفض النظام الطائفي الذي يشكل حزب الله رأس حربة في الدفاع عنه!

وحسم النادي العلماني في النبطية خياره، "فهذه المنظومة عاجزة تماماً، فإما المنظومة وعجزها، أو حياتنا ووطننا ومساحاتنا". والنادي الذي اختار المواطنة على الانتماء الطائفي، والحرية على القمع، ما هي أبرز أهدافه وتوجهاته؟ وكيف ينظر للمواجهة مع أحزاب المنظومة الحاكمة، بما فيها حزب الله؟ وما أهمية تأسيس نادٍ علماني، في النبطية تحديداً؟

النبطية ليست استثناء!

وللنادي العلماني في النبطية أهمية تستدعي التوقف عندها، نظراً لطابع المنطقة المسيطر عليها من قبل حلف حزب الله وحركة أمل. في الإطار، يقول محمد حجيج، أحد أعضاء النادي المؤسسين، "سنواجه صعوبة أن نكون موجودين في الساحة بخطاب علماني تقدمي ديموقراطي في مناطق هيمنة حزب الله وأحزاب المنظومة"، فالأمر "يستحق المجازفة والمبادرة، بما أن النبطية جزء من لبنان، ومعركتها مع المنظومة هي نفسها".
في السياق، يؤكد حجيج أن "النبطية ليست استثناء فهي لكل المواطنين من كل الطوائف والفئات على الرغم من محاولة حزب الله عزلها ضمن نطاق طائفي فئوي واستغلاله أهالي المنطقة ضمن مشاريع إقليمية لا تخدم لا مصلحة المواطن ولا الوطن". من هنا يشدد على "ضرورة الإرتكاز على مفاهيم العلمانية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية والنسوية التي توحد المواطنين تحت غطاء المواطنة لا الطائفية".

أما رهان النادي، فهو "على كل شخص منحاز للحرية والعدالة في النبطية بوجه الظلم والقمع، وعلى شباب وصبايا النبطية الذين شاركوا في مظاهرات 17 تشرين وما زالوا يحلمون بوطن يشبههم ويشبه طموحهم، هم الذين اعتدى عليهم شبيحة حزب الله وحركة أمل وقوبلوا بخطاب قائم على التخوين والتخويف"، يضيف حجيج.

كلن يعني كلن

وموقف النادي العلماني في النبطية من أحزاب المنظومة واضح، فهي "فضّلت على مر التاريخ مصالحها الفئوية والإرتهان للخارجي والإقليمي والدولي على حساب مشروع تغييري بنيوي تقدمي للنظام على مختلف الأصعدة السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، والأمنية"، يشرح حجيج.

ويشير إلى أن "هذه المنظومة حالياً تستشرس بقتل اللبنانيين وتصفية المجتمع ورأينا هذا الشيء بالاغتيالات عام 2005 وفي أحداث 7 أيار عام 2008، ورأيناها كذلك في سياسات العسكرة وجريمة تفجير المرفأ، وحالياً هذه القوى التي أوصلتنا للانهيار، تحول دون تحقيق العدالة بانفجار 4 آب، وذلك عبر أدواتها الميليشياوية وبكافة وسائل الضغط المتاحة والتدخل بالقضاء.

لنظام اقتصادي منحاز للفئات المهمشة

أما اقتصادياً، فيرفض النادي "الاقتصاد الريعي القائم على التبعية وتصدير اللبنانيين للخارج، وسياسات المصارف الرافضة تحمل جزء من مسؤولية الأزمة الاقتصادية هي التي راكمت ثروات على مر سنوات وتحمل الشعب مسؤولية سياساتها الأمر الذي يهدد الفئات الأكثر فقراً".

في المقابل، يوضح حجيج أن النادي يؤمن أن "العلمانية لا تكتمل من دون نظام اقتصادي ينحاز للفئات الاكثر فقراً وأهدافنا بالتالي قوامها التثقيف والتوعية على مبادئ النادي الأساسية وخلق مساحة آمنة وبيئة حاضنة لكل الفئات المهمشة اقتصادياً، سياسياً واجتماعياً.

ومن مهام النادي كذلك "تفعيل الندوات والنشاطات والحملات الحقوقية النقابية الطلابية والثقافية". وهنا يشدد حجيج على أنه "في كل مرة نرى فيها فرصة لخوض المواجهة مع النظام، لن نتوانى عن خوض المعركة".

من أقصى اليمين إلى أقصاه... العلمانية هي الحل!

ونسأل حجيج عما إذا كانت النوادي العلماني هي المشروع المضاد لمشروع حزب الله، لا القوات اللبنانية كما يدعي الحزب، بخطابها اليميني المسيحي المضاد لخطابه، ليلفت بدوره، إلى أنه "نحن في النادي لا نرى حزب الله والقوات اللبنانية خصوماً في السياسة بل ننظر لكل أحزاب المنظومة ككتلة واحدة وفريق واحد وهو ما تجلى من خلال تعاطيهم مع ثورة 17 تشرين، فحزب الله اعتدى على المتظاهرين في بيروت وصور والنبطية وشيطن الثورة، فيما تسلق كل من القوات والكتائب الثورة،لإعادة انتاج ذاتهم، الأمر الذي أدّى إلى شرذمة مجموعات المعارضة وانقسامها.

أما التجلي الأخطر برأي حجيج، "فكان في تعاطي المنظومة مع ملف انفجار مرفأ بيروت وعرقلة مسار العدالة وصولاً لأحداث الطيونة التي استغلها حزب الله وكذلك القوات كمسرحية لشد العصب الطائفي وتغذية صفوفهما".
من هنا، يعتبر حجيج أن النوادي العلمانية في لبنان، هي "النقيض الحقيقي لهذه الاحزاب والمشروع القادر على بناء وطن الديموقراطية والعدالة والحريات وفق مشروع اقتصادي منحاز للفئات الأكثر فقراً، يضع حداً للسياسات الاقتصادية الظالمة والريعية".

الجنوب... كمنطقة استراتيجية للحزب!

ومع أن بداية العمل المقاوم في الجنوب بدأت مع الحزب الشيوعي العابر للطوائف، لكن حزب الله قرّش خروج الاحتلال الاسرائيلي من الجنوب عام 2000، وعوض تسليم سلاحه أقحمه في مشاريع اقليمية و"أدلج" الجنوب حتى باتت تمنع فيه المشروبات الروحية وتصادر الحريات باسم "الدين".

والنبطية، معقل الحركات الثورية ضد الإقطاع، ومعقل التنوع الفكري، تعاني اليوم ضموراً في الأصوات المعارضة لحزب الله، الذي "دجّن" قيادة الحزب الشيوعي. وما تمدد النوادي العلمانية وصولاً لصور والنبطية، إلا خيط أمل رفيع يضيء الجنوب، بعد أن أحرقته أيدي المنظومة أمس، هي التي أطفأت فيه الروح، ولم تطفئ في شبابه الأمل بوطن!

بحث

الأكثر قراءة