متعاقدو التعليم الأساسي الرسمي يتجهون لـ"مقاطعة التعليم" ومدارس أقفلت أبوابها: لا قدرة لنا على الحضور!

التحري | فتات عياد | Thursday, November 18, 2021 10:30:07 PM
فتات عياد


فتات عياد - التحري

يُعِدّ الأساتذة المتعاقدون في التعليم الأساسي الرسمي العدّة للإضراب، بعدما أمهلوا وزارة التربية حتى آخر هذا الشهر، للإيفاء بوعودها بمضاعفة أجر ساعة التعاقد لتصبح 40 ألفاً، وإعطائهم مبلغ الـ 90 دولاراً الذي وفرته الجهات المانحة، فإذا بالوزارة "عالوعد يا كمّون". فالأستاذ الذي يتقاضى مليوني ليرة، ويدفع نصفها مصاريف محروقات للوصول للمدرسة، ما عاد بإمكانه الانتظار حتى تحقيق تلك الوعود، ما جعل بعض الأساتذة يتوقفون منذ الآن عن الحضور بقرارات فردية، مستبقين الإضراب الجماعي...

في السياق، تكشف رئيسة لجنة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي نسرين شاهين أن بعض المدارس الرسمية أغلقت أبوابها بالفعل، وبينها إحدى مدارس كفررمان في النبطية، وذلك بعدما امتنع أساتذتها المتعاقدون عن الحضور.

وتجدر الإشارة إلى أن الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي يشكلون حوالي 70% من مجموع الأساتذة، بينما يشكل أساتذة الملاك حوالي 30% فقط، أي أن إضراب المتعاقدين قادر على شلّ التعليم في المرحلة الأساسية بالكامل، وهو ما سيحصل بالفعل، إن استمرت وزارة التربية بسياسة النكث بالوعود!

وحقوق الأساتذة التي كان من المفترض أن تلبيها الوزارة، ما زالت "عالقة"، وتنتظر التفعيل. فما هي أبرز تلك المطالب، وما هو وضع هؤلاء الأساتذة عن قرب؟ وما عتبهم على رابطة معلمي التعليم الأساسي؟ وإلى أي مدى سيذهبون بالتصعيد؟

الإضراب المفتوح... قرار الأكثرية!

وعاد الأساتذة المتعاقدون عن اضرابهم المفتوح منذ أسابيع، إثر إحصاء دعمت فيه أكثريتهم العودة للتدريس لإعطاء فرصة للوزارة للإيفاء بوعودها. لكنهم اليوم، وإزاء التباطؤ بتنفيذ الوزارة لتلك الوعود، يتجهون، بأكثريتهم الساحقة، إلى مقاطعة التعليم والإضراب المفتوح حتى تدفع الوزارة لهم، أموالهم التي وعدوا بها، بعد أن أصبحت أجور بعضهم لا تكفي حتى لتغطية كلفة حضورهم للصفوف!

وتفند رئيسة لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي، نسرين شاهين أبرز تلك الوعود التي قطعتها وزارة التربية وهي: قرار رفع أجر الساعة (مضاعفته من 20 إلى 40 ألف ليرة) والعالق حتى الآن "في مجلس الخدمة"، بالإضافة إلى المساعدة المالية الشهرية 90 دولاراً التي تأخّرت الوزارة لجهة دفعها عن شهر تشرين الأول، وستتأخر عن دفعها أيضاً عن هذا الشهر، بحجج تقنية قوامها تقاعس بعض المديرين في إرسال الساعات المُنفّذة إلى المناطق التربوية، وإعلان رابطة الموظّفين في القطاع العام الإضراب المفتوح، وعملها يوما في الأسبوع ما يعيق مكننة تلك الساعات، وبالتالي، يعيق توزيع الـ90 دولارا، على الأساتذة، مع أنها أداة إنقاذية أساسية، للعام الدراسي2021-2022!

وتستغرب شاهين "عدم البت بإعطاء بدل النقل للأساتذة المتعاقدين الذي يصل إلى 65 ألف ليرة عن كل يوم عمل، أسوة بسائر موظفي ومتعاقدي القطاع العام الذين شملوا به اليوم، بهدف تسيير المرافق العامة". وتسأل "هل نحن حرف ناقص مثلاً؟ وهل أننا لا ندفع 300 ألف ليرة وأكثر، سعر صفيحة البنزين؟! وهل أن القطاع التعليمي، يقل أهمية برأي السلطة، عن سائر المؤسسات العامة؟".

وحالة الأساتذة المتعاقدين المادية صعبة جدا، وبعضهم ما عاد بمقدوره الوصول للمدرسة حيث مكان عمله، وقد لا يجد حتى مصدرا للإستدانة بهدف الوصول. سيما وأن قبض الأساتذة المتعاقدين لرواتبهم يحصل كل ثلاثة شهور وليس شهرياً، ما يفاقم الوضع سوءاً. هنا، تسأل شاهين "هل المطلوب أن يسرق الأستاذ ليوفر المال بهدف عدم التغيب عن الحضور؟".
وقرار الاضراب هذه المرة، يأتي برأي الأكثرية الساحقة من الأساتذة الذين فقدوا الأمل بتعامل الوزارة مع حقوقهم بجدية. هنا تؤكد شاهين أننا "دقيقون بعملية التصويت لأننا نريده اضرابا ناجحاً ويأخذ برأي الأكثرية".
وعن إمكانية تصعيد المطالب حدّ تركيز الأساتذة مطالبهم باتجاه التثبيت، تقول "نحن نصعد خطوة خطوة، وكل الخيارات متاحة أمامنا"، مضيفة "كل شي بوقته حلو" و"السلطة اليوم ليست في أفضل حالاتها، وهي بموقع المحرج مع الأساتذة المحزبين، التابعين لها، والذين ضاقوا بسياساتها ذرعاً، فالجوع لا يميز بين محزب ومستقل، طالما أن ظروف عمل الأساتذة هي نفسها".

رابطة الأساتذة: "أزلام لدى السلطة"

وكانت لجنة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسميّ، دعت لاعتصام مركزي أمام وزارة التربية في اليونسكو منذ أيام، كخطوة تحذيرية تمهيداً لإعلان الإضراب المفتوح، إذا لم يتمّ العمل وبشكل سريع على تلبية مطالبها. ومع هذا، قاطع الأساتذة المتعاقدون أمس الأول، الإضراب التحذيري لرابطة معلمي التعليم الاساسي.

وعن سبب عدم مجاراة المتعاقدين لقرار الرابطة بالإضراب بيومهم التحذيري، تقر شاهين بأنه "نكاية بهم لم نلتزم الإضراب أول أمس، وهناك مدارس علّم فيها المتعاقدون اونلاين، وليس هذا "بهدف تسجيل يوم عمل إضافي لنا، بل لأن الرابطة تتلقى الأوامر من السلطة ولا تمثلنا لا من قريب ولا من بعيد".
وبرأي شاهين، فإن الرابطة ورئيسها حسين جواد "لا يمثلوننا وهم أزلام لدى السلطة وأصغر من أن يأخذوا قراراً، من هنا هم يؤجلون اضرابهم المفتوح لأنهم لا يتجرأون على قرار مماثل". ساخرة من اعلانهم نهاراً تحذيرياً فهو "متل قلته"، فيما رئيس الرابطة "مش مسترجي يعلن اضراب لأن ما عنده قرار سياسي بهالشي".

هذا وتحمل الرابطة إثم "المتاجرة بحقوق الأساتذة والتلاميذ" معتبرة أنهم "سبب بالذي وصلنا إليه".

مدارس استبقت الإضراب... الفقر يضرب الجسم التعليمي

وترفض شاهين اتهام الأساتذة المتعاقدين بـ"الرهان على التلامذة"، فمن يراهن عليهم هم "من لا يوفرون للأستاذ، شروط الحضور للمدرسة، كي يستطيع مزاولة مهنة التعليم"!
و"هناك مدارس فعليا بدأت بالاضراب" تقول شاهين، إذ "لا أموال لدى أساتذتها المتعاقدين للتمكن من الحضور، والمدراء عاجزون عن سد النقص بأساتذة الملاك، ما يعني توقف الدروس نهائيا في هذه المدارس".

هنا، تسأل شاهين، هل يعقل لأستاذ أن يراهن على وظيفته فيأخذ قرارا فردياً بالتغيب لو كانت لديه القدرة على الحضور؟"، مضيفة "بالطبع لا، فمتى تتحرك الوزارة لإنقاذ العام الدراسي برمته، لصون حقوق الاساتذة، وصون حقوق التلامذة في آن؟"

بحث

الأكثر قراءة