إنقلابُ عبود يُطيح بالدويلة

المحلية | ميشال نصر | Sunday, November 28, 2021 3:00:00 AM
ليبانون ديبايت

ليبانون ديبايت - ميشال نصر

سمع القضاة نداء رئيس الجمهورية ميشال عون في رسالة الإستقلال، فلبّوا النداء شاكرين منتفضين مستعيدين المبادرة، "شاربين حليب أسود"، مستبقين نتائج التسويات والمساومات، مشوشطين كل الطبخات التي كانت تعدّ شمالاً ويميناً، متكّلين على الله وعلى اللبنانيين. فخلافاً لما درجت عليه العادة من استباحة السياسيين للقضاء، تجرّأ الأخير، هذه المرة، مكتسحاً الخطوط الحمر، قالباً الآية، "رادّا الأجر ونُص"، لتصبح المواجهة عالمكشوف.

بمعزلٍ عن الحيثيات السياسية التي يُصرّ البعضُ على إسقاطها بالقوة لإدخال التحقيق في زواريبه ومتاهاته، معتمداً نظرية "ضربني وبكى سبقني واشتكى"، مع تحويل القصة إلى مظلومية طالت القاضي حبيب مزهر، بدا بوضوح أن منظومة الدويلة بأوركستراتها المصدومة، لم تستطع لا بالطول ولا بالعرض، إرهاب الجسم القضائي، فانقلب سحر قبع القاضي طارق البيطار على الساحر، لتسير رياح رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود بما لا تشتهيه سفن الخصوم.

فالإنتفاضة القضائية المشرّفة أعادت خلط الأوراق "وخربطت" المسارات بما في ذلك، الذي اتفقت "قمّة الليموزين" على السير فيه لإعادة تقليع الحكومة ، والتي كشفت المصادر أن الرحلة من اليرزة إلى بعبدا التي جاءت باقتراح الرئيس نجيب ميقاتي، انتهت بإيجابيةٍ كبيرة واتفاقٍ على حلّ، دفع بإستيذ عين التينة إلى النوم على ريش نعام، قبل أن يستيقظ الجميع على كابوس انقلاب عبود الذي كان أرسل أكثر من إشارة تطمين نهار تسديد ضربته القاضية مساءً.

هكذا طارت جلسة الحكومة التي تقرّر عقدها قبل سفر الرئيس ميقاتي إلى روما، لإخراج الإتفاق الثلاثي، فحمّل أبو مصطفى جنرال بعبدا، لهدفٍ في نفس الصهر، نسف الإتفاق، خلافاً للواقع، حيث أن الحقيقة بكل بساطة، قضاة قرروا استعادة المبادرة، فبدل تطيير عبود تمهيداً لقبع بيطار، طارت الحلول وسقطت التسويات، حيث تشير مصادر مطلعة إلى أن القضاة قرأوا جيداً البيانات الدولية وفككوا ألغازها، لذلك، فإن حيلة تلبيسهم مسؤولية التعطيل لن تنطلي بعد اليوم على الخارج، الذي هو المطالب الأول باستقلالية القضاء وضرورة احترام قراراته كبابٍ إلزامي للإصلاح وكشرطٍ أساسي لتقديم أي مساعدات، بعدما اكتشف الغرب أن الشفافية والحكومة وضرب الفساد، تبدأ بقطاعين ضروريين وكافيين هما الأمن والقضاء.

القضاء الذي قرر أن يلعبّهم " شكر بكر"، بعدما أغرقوه بفتاويهم وتكاليفهم، لعبها صولد، فردّت القاضية رندى كفوري، طلب الإرتياب الذي تقدّم به يوسف فنيانوس ضد بيطار، وقبلت هي نفسها دعوى الإرتياب التي تقدّم بها محامون ضد القاضي خوري، فيما تكفّلت الهيئة العليا للتمييز بردّ جميع دعاوى مخاصمة الدولة لأنه" مافي شي بيحرز". كل تلك الخطوات بعدما ثبت بالوجه الشرعي أن القضاء ما عاد ينفع معه، لا تهديد ولا وعيد، بعدما طفح كيله.

بالإجماع اتُخذت القرارات "الإنقلابية" على جميع الجبهات دفعةً واحدة في هجومٍ صاعق ومفاجئ، ضد من أراد تدجين القضاء وترويعه من داخل العدلي وخارجها، حشر الجميع في الزاوية صوب قواعد اللعبة، بعد موجة فوضى الدعاوى ومحاولات إرساء سوابق غريبة عجيبة، منها مسلسل المماطلات والمماحكات، ففرض على المزعجين، من اليوم وطالع، تقديم شكاواهم أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز. فهل فكّت عقدة البيطار؟ فهل سيفعلون ويرضخون لما سيصدر عنها من قرارات؟ أمّ سيلجأون إلى وسائل أخرى؟ ردود الفعل الأولية، بكل الحالات لا تبشّر بالخير...

هي لائحة الشرف القضائية تكبر يوماً بعد يوم.... من حسين عبدالله إلى سهيل عبود، وما بينهما، قضاة قرروا أن ينتصروا للحقّ والحقيقة، بعيداً عن المحسوبيات والتبعيات، حيث أثبت قضاء الدولة أنه لن يخضع، سلاحه "الكتاب" بنسختيه الدستورية والقانونية.... ونقطة عالسطر.

بحث

الأكثر قراءة