الانتحار احتجاجاً في لبنان: حين يُصبح الموت أرحم... رسالة وداع من بلاد "الزومبي" التي تلتهم مواطناً كل 48 ساعة!

التحري | مريم مجدولين اللحام | Friday, December 17, 2021 11:42:38 PM
مريم مجدولين اللحام


مريم مجدولين اللحام - التحري

في زحام الأحداث قد يتناسى اللبنانيون قدرتهم على الاحتمال كيف تُستنفذ، ثم تستوقفهم حادثة انتحار قاسية مُفجعة وتنزل على أرواحهم كماء تجري على أجسادهم المتعبة من صقيع. ثم تصفعهم إلى حيث لا يتجرأون الاعتراف به. إذ أنه، وفيما تطبق المحاكم اللبنانية حظراً على الانتحار بمساعدة طبية وتجرّم المحرّضين عليه، يكافح غالبية اللبنانيين من أجل البقاء على قيد الحياة الكريمة تحت ناظري الحكومات المتعاقبة على عقاب الشعب المرتمي ضحية لدوامة اليأس والبؤس.

اليوم، وفي وداع من بلاد "الزومبي" التي تلتهم مواطناً كل 48 ساعة بحسب تقديرات محلية تشير إلى أن الانتحار يودي بحياة لبناني\ة واحد\ة كل 2.1 يوم، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي "رسالة اعتذار" من شاب لبناني قرر إنهاء حياته بنفسه، عُثرت في جيبه بعد سقوطه عن سطح مبنى سكني مؤلف من 7 طبقات عند مفرق معركة– صور (جنوب)، وموجّهة إلى والده، يستعطف في ثناياها منه تفهّماً لاختياره الموت الرحيم على الموت اليومي المتكرر قائلاً "سامحني يا بيي (أبي) بس (إلا أن) الموت مرة واحدة أفضل من الموت كل العمر".

مات من سبقنا إلى الانعتاق، مثالاً صارخاً على المأزق اللبناني الراهن متأثراً بجروح الوطن، تاركاً كلمات معدودات تخلّد احتجاجاً سياسياً، كإنذار قاسٍ لواقع أقسى، في واقعة هي الثانية من نوعها في البلاد خلال أسبوع... بعد وفاة المواطن العسكري المتقاعد من الجيش اللبناني، ابن الـ55 عاماً محسن حليم سليمان، في غرفة العناية المركزة في مستشفى رياق العام أمس، متأثراً بحروق خطيرة أصيب بها بعد اضرامه النار بنفسه على شرفة منزله المجاور لساحة بدنايل- بعلبك على "طريقة البوعزيزي"، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية.

سفالة المنظومة في بلاد الزومبي لن يردعها ان يُلقي شاب لبناني، يختصر ألم شعب بأكمله، بنفسه من شرفة بيته العالية، مُقرراً بموته وقف عدّاد التعذيب والقيود الملقاة على كتفيه فيما ننظر إليه جميعنا مترنحين بين الغضب والحقد والحسرة وقلة الحيلة... وبين ذلك الموت اليوميّ الذي كتب عنه فقيد صور، سطوره الأخيرة.

بحث

الأكثر قراءة