ناديا فارس البويضاني-التحري

ثراء الدولة، مستوى الدخل الفردي، متوسط عمر الأفراد ، صحتهم العامّة والنفسية، الحرّية التي يتمتع بها هؤلاء الأفراد، غياب الفساد، الدعم الاجتماعي الذي تقدمه الدولة، مدى تحقيق التوازن بين الحياة الاجتماعية والعمليّة وغيرها العديد.... كل هذه مؤشرات وضعتها منظمة الأمم المتحدة في سبيل قياس مؤشر السعادة العالمي، فكان للبنان النصيب الأكبر،من ضمن الدول الثلاثة الأوائل، ولكن ليس من الدول الأكثر سعادةً، بل الأكثر تعاسة عالمياً، في ظل المنظومة الحاكمة وحكمها!

فقد جاء في التقرير لهذا العام ان لبنان هو في المرتبة الثانية بين الدول الأكثر تعاسةً بعد أفغانستان. ومؤشر السعادة العالمي هو مؤشر يقيس السعادة في المجتمعات بناءً على هذه المؤشرات وتبعاً لإحصاءات أخرى ، محددّين أسباب السعادة والبؤس والآثار المترتبة على السياسات.

ففي ظلّ الوضع المتردي الذي يعيشه الشعب اللّبناني اليوم من غياب لأدنى مقومات الحياة وأكثرها أهمية، وصولاً إلى الوضع السياسي والاقتصادي المتأزم، لا يمكننا ان نكون إلا في هذه المرتبة، ودوماً بجهود المنظومة الحاكمة التي تأخذ بيدنا من انهيار إلى انهيار، ومن جحيم إلى جحيم، نحو "التهلكة"!

فأين نحن اليوم من كل هذه المؤشرات؟ أين نحن في دولة أعلنت إفلاسها؟ وأين نحن من مؤشر مستوى الدخل الفردي وهو لا يتخطى 5000$ سنوياً، بل وأقل من ذلك؟ أين نحن من مؤشر الصحة العامّة والنفسيّة للفرد في ظل إفلاس المستشفيات وإغلاقها وفقدان الأدوية وموت الشعب دون أي رحمة أو شفقة؟ أين نحن من مؤشر غياب الفساد مع تفشي كل أنواع وأشكال السرقة والنهب؟ أين نحن من مؤشر حرية الفرد في ظل القمع لأي صوتٍ ولأي ردةِ فعلٍ يتجرأ أحد على القيام بها؟ أين نحن من مؤشر الدعم الاجتماعي الذي من المفترض ان تقدمه الدولة لشعبها لمساعدتهم على تخطي هذه الأزمات؟

وبالإجابة على كل هذه الأسئلة نصل إلى أننا فعلاً نستحق وبجدارة أن نكون في هذه المرتبة، فنحن اليوم نعيش في بلدٍ لا يؤمّن لمواطنيه أقل حقوقهم، وهذا أقل ما يمكن قوله. آملين في تقرير السنة المقبلة أن لا نحتل المرتبة الأولى!