والدة الضحية رولا يعقوب تعليقاً على حكم سجن قاتل ابنتها 5 سنوات: "لاء... منّا عدالة"

التحري | فتات عياد | Thursday, March 24, 2022 6:28:45 PM
فتات عياد


"لاء... منّا عدالة"، هي إجابة ليلى خوري، والدة الضحية رولا يعقوب التي ضربها زوجها حدّ الموت عام 2013، على الحكم الصادر بحق الزوج كرم البازي، والذي صدر بعد 9 سنوات من الجريمة، ليدينه بالسجن 5 سنوات، لتسبّبه بقتلها، وذلك بعد سلسلة من الأحكام القضائية التي حاولت تبرئته "لعدم كفاية الأدلة".

وأصدرت محكمة التمييز أمس، برئاسة القاضية رندة كفوري، حكمها بسجن المتهم كرم البازي مع الأشغال الشاقة لمدة 5 سنوات بتهمة تسبّبه بقتل زوجته، وألزمته المحكمة بدفع تعويض لوالدتها ليلى خوري وقدره 300 مليون ليرة لبنانية.

وقضية يعقوب التي حوّلتها ليلى، الأم الثكلى، بفعل إصرارها على حق ابنتها لقضية رأي عام، كادت لتطمس في أدراج المحاكم، لولا نضال أم وقفت وحيدة تحارب التمييع والضغوط السياسية التي تدخلت بالقضاء لحماية قاتل والأطباء الذين باعوا ضميرهم لأجل حفنة من المال، والذي عرض بجزء منه عليها هي نفسها، لبيع قضية ابنتها...

متل ما عدملي بنتي... بدّي إعدامه

"حطّلي ياها بتابوت هي وبعمر الورد، 33 سنة كان عمرا لمّا أعدملي ياها"، تقول خوري بحرقة، مضيفة "متل ما ضربلي بنتي حتى الموت بدي إعدامه".

وتسأل "أنا مرا ختيارة سنين إنزل من عكار عالعدلية حتى ما تتميّع القضية، 9 سنين وأنا ناطرة العدالة... بيحكموا عليه 5 سنين بس؟ هيدي العدالة؟".

ورولا التي قتلها زوجها أمام أعين أولادها، جاء الحكم بالجريمة على لسان ابنتها ابنة الـ4 سنوات. في السياق تقول الجدّة "ضلّت البنت من البيت لوصلت عالمخفر عم تصرخ بابا قتل ماما... بنت بنتي شافت بيا عم يقتل إما قدام عيونا وكان عم يهددن يكمل قتل علين".
وكما تم الضغط على أبناء الضحية، حتى "باتت ابنتها الكبرى تقول بأنها سقطت ما تسبب بوفاتها"، تم الضغط كذلك على الأطباء الشرعيين من قبل عائلة القاتل، لكن شتّان بين أطفال مورس عليهم الضغط بعد مشاهدة مقتل أمهم أمام أعينهم، وبين أطباء "قبضوا ثمن" تقارير طبية، لعبت دوراً حاسماً في تمييع القضية.

إذ أن التقرير الطبي الأول أشار إلى أن سبب الوفاة ناجم عن انفجار في الرأس نتيجة تشوّه خلقي" من دون أن يأتي على ذكر الكدمات على جسد الضحية، الأمر الذي شككت فيه عائلة رولا، لافتةً إلى ضغوط سياسية مورست على معدي التقرير لتبرئة الزوج وقتها، قبل أن يجري تكليف لجنة طب شرعية أخرى لإبداء الرأي، لتؤكد الرأي الأول، ليحال التقريران إلى لجنة التحقيقات المهنية في نقابتَي الأطباء في طرابلس وبيروت، والتي أفادت بأنّ نتيجة التقريرين لا تجزم بأنّ الوفاة طبيعية، بل إنّ التقريرين الأولين لا يرتقيان إلى "المستوى العلمي المرتجى". فيما تعذّر كشف سبب الوفاة بعد مرور عام على الجريمة.
والوساطة لم تقتصر على الضغوط على التقارير الطبية، بل تخطتها للقضاء نفسه، حيث صدر عن قاضي التحقيق آلاء الخطيب عام 2014 قرار يقضي بمنع المحاكمة عن الزوج وإخلاء سبيله. أما في العام 2016 فأصدرت الهيئة الاتّهامية في الشمال، قراراً اتّهمت فيه زوج الضحية بجريمة التسبّب بموتها مع إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه، ليردّ بعدها طلب التمييز المُقدّم من الزوج وتتم إحالته إلى محكمة الجنايات في الشمال بتهمة التسبّب في الموت، وذلك عام 2017.
هذا وصدر الحكم القضائي بتبرئة زوج رولا يعقوب بعد خمس سنوات من وفاتها، بالأكثرية، فيما أصدر رئيس محكمة الجنايات القاضي داني شبلي، وهو رئيس اللجنة التي أصدرت القرار، أصدر مخالفة بالحكم وقال إن الأدلة الواردة، تؤكد تسبّب الزوج بقتل زوجته... لكن الزوج بُرّئ، وهو ما اشعل الرأي العام مجدداً نصرة للقضية، وصولاً إلى قرار محكمة التمييز القاضي بإدانة المتهم ومعاقبته 5 سنوات بالسجن.

في السياق، تقول خوري "مش مسامحة كل حكيم وطبيب باعوا ضميرن ع دم بنتي". سائلة "ما فكّروا بالآخرة عند الله؟... بشكيهن لإلو".
وإذ برّأ القضاء الزوج عامي 2014 و 2018 "لعدم كفاية الدليل"، لكنّ إصرار ليلى يعقوب، والدة الضحية، على المطالبة بحق ابنتها، و طلبها تمييز الحكم، الذي تمّ قبوله عام 2019، لتعاد محاكمة الزوج المتّهم، أوصلا القضية إلى حكم بإدانة المجرم، "ولو بعد حين"!

في المقابل، تفتح قضية رولا يعقوب، جرح غياب قوانين رادعة تحدّ من جرائم العنف الأسري في لبنان، لا بل أنها، تدق ناقوس الخطر حيال قضايا تعنيف وقتل النساء على يد أزواجهنّ، لتكشف تساهلاً قضائياً مع حالات إجرامية تستمد عنفها من ذكورية تكرسها المجتمعات، ولا تجد لها رادعاً قانونياً كافيا يحمي النساء.

وليلى نفسها حاول شقيق القاتل رشوتها. في السياق تقول "فات عبيتي حامل دفتر شيكات وقللي اكتبي الرقم اللي بدك". مضيفة "شو أنا عم بيع دجاجة، هيدي بنتي يللي انقتلت والمصاري بتجي وبتروح بس الكرامة لاء، وما ضاع حق وراه مطالب، لو لآخر يوم من عمري، رح ضل دافع عن هيدا الحق"...


ويقال، أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً، لكن كل يوم فيه تأخير للعدالة، هو ظلم بحق الضحية، فكيف اذا اتت العدالة منقوصة ومتأخرة في آن؟

بحث

الأكثر قراءة