ماذا يحدث في "جمعية الموحّدين الدروز الأميركية" وهل يحتمل جنبلاط خسارة أصوات المغتربين؟

التحري | مريم مجدولين اللحام | Friday, March 25, 2022 10:33:14 PM
مريم مجدولين اللحام


مريم مجدولين اللحام - التحري

يسترق الناخب اللبنانيُّ المهاجرُ المُغترب النظر إلى أهله ممّن، لسبب أو لآخر، فضّلوا الصمود في لبنان، فيراهم وقد أُسِروا في بلاد الجبل الشامخ، واختاروا البقاء على أمل انتهاء الكابوس وعودة المياه إلى مجاريها... أما أن يلحق به الفساد الحزبيّ، الاستنسابي، والانقسام السياسي إلى الخارج، إلى الولايات المتحدة الأميركية، فهو ما لا يتوقعه بتاتاً!

بهذه الكلمات راسلت إحدى الأمهات في الاغتراب "التحري" آملة إيصال الصوت حول الفساد المستشري الذي تخطى بلدها لبنان، ووصل إلى "جمعية الموحّدين الدروز الأميركية"، التي تنتسب وعائلتها إليها، وبنتيجة ما يحدث فيها من تجاوزات قد استقال فعلاً الدكتور زهير فارس والدكتور سامر السوقي والسيدة دانييلا عجيب من مركزهم كأعضاء منتخبين سنة 2020 لإدارة مجلسها مُطلقين ناقوس الخطر المُحدق بالمؤسسة التي تحتضنهم منذ عشرات السنين.

وبعيداً عن التكتيكات السياسية في زمن الانتخابات، ومنعاً لانتشار الإشاعات، أرسل المستقيلون الثلاث، بريد الكتروني إلى جميع المنتسبين، أبلغوهم فيها، أن استقالتهم ما هي إلا نابعة عن عدم قدرتهم التغلّب على القيود/المحددات الهيكلية، الداخلية والخارجية، لا بل تصدّياً لما لم يقووا على تغييره من طريقة عمل، وعليه، فضلوا الانسحاب وعدم تحمّل أي مسؤولية شخصية في ظل التخبّط الحاصل، وعلاقة ذلك كلّه بعدم إمكانية ترجمة وعودهم السابقة كأعضاء مجلس إدارة إلى أفعال، وانتفاء قدرتهم على تحقيق أهداف انضموا إلى الإدارة لتحقيقها كـ"تثبيت الوحدة، وتفعيل الرقمنة، وإرساء الشفافية، وتحقيق الإثراء وزيادة الأمل".

وبحسب رسالتهم "لسوء الحظ، في الأشهر الـ14 الماضية، أصبحت تلك الأهداف الخمسة الموعودة للجمعية بعيدة المنال. ففي حين أن الوباء قد قيد الكثير من عملنا الشخصي، إلا أنه كان هناك حواجز أخرى داخل المنظمة حالت دون إنجازنا الكثير. نتيجة لذلك، توقفت الجهود المبذولة لرقمنة أصول الجمعية، مما أدى بدوره إلى تقليل الشفافية في جميع شؤون أعمال الجمعية. كما أن الجهود المبذولة لإثراء مجتمعنا نادرة، وعند اقتراح الحلول الداعمة غالبًا ما يتم مواجهتها بالتردد والعقبات. وعلى مدار الأشهر العديدة الماضية، كان هناك انهيار لا يمكن إنكاره في الاتصالات المهنية، وفشل في الإلتزام. ونتيجة لذلك، أعاقت هذه التحديات عمل وأهداف مجلس إدارة "جمعية الدروز الأميركية" ومن هنا جاء خيار الاستقالة إذ بذلنا العديد من الجهود لإعادة توجيه تركيز مجلس الإدارة دون جدوى".

وختموا الرسالة قائلين "وبما أن مصلحة مجتمعنا الدرزي لم يعد يمثل الأولوية، فقد استقال ثلاثتنا رسميًا من مناصب أعضاء مجلس الإدارة ونتمنى حظًا سعيدًا للمجلس الحالي".

بعد تلك الرسالة، تبخّرت الأوهام وانقشعت سحب الأكاذيب، مخلفة وراءها حقيقة واحدة، أن هناك من يٌسيئ التصرف ولا يحتوي المنتسبين إلى "جمعية الموحدين الدروز الأميركية"، ويوفر فرصًا هائلة للانتهازيين، إذ انتشرت مستندات تُبيّن حجم التفاوت الهائل بين التبرّعات لأطباء مستشفى "عين وزين" مثلاً، نذكر منها تقاضي الدكتورة لمى دحبول مثلاً مبلغ 25 مليون و89 ألف و458 ليرة لبنانية، بينما يتقاضى الدكتور إياد أبو فلاح 217 ألف و500 ليرة لبنانية، تفاوت هائل بالمساعدات المفروزة حسب الانتماء السياسي كما يبدو، فلا تفسير يُذكر لماذا يُساعد الدكتور جواد مكارم بمبلغ قدرة 26 مليون ليرة لبنانية في حين تأخذ الدكتورة نعمت أحمد 144 ألف ليرة فقط. أو لماذا يُصرف للدكتور عمر الأعور 16 مليون ليرة لبنانية في حين يُصرف 20 ألف ليرة للدكتور فادي الجُردي و15 ألف ليرة (ما هو أقل من دولار واحد) للدكتور علاء الأحمدية ومبلغ مهول عبارة عن مساعدة بـ69 مليون و938 ألف ليرة لبنانية للدكتور وسام سليمان!!... فضائح باللاعدل والاستنسابية، الأسماء كثيرة ومتفاوتة الأرقام أرفقناها على شكل "صور" أدناه.

وبغض النظر عن أية مكاسب آنية حققها البعض "على ظهر المغتربين"، يبقى تقويم صواب العمل أو خطأهما، مرهوناً باعتماد منظور جدي يقارن، بين أداء الجمعية في الأعوام الأخيرة بالأداء السابق.

ورداً على الفضائح، وكالعادة "حتى تتمعمع القصة" ويُخلط الحابل بالنابل، ما أن انكشف الأمر، وفي استجداء متغطرسٍ يأمل منه التعاطف، وارتباكاً في رؤيته، سارع رئيس الجمعية وليد عبدالخالق بعدها للاستقالة من منصبه مع بعض من الأعضاء التابعين له، على قاعدة "ما خلّونا"... مُعلناً برسالة "عاطفية" نُشرت على صفحة الجمعية الفايسبوكية، عن تخبطات إدارية استخدم فيها جملاً اعتبرها البعض فاضحة لجهة اتهامه المنتسبين إلى الجمعية بعدم التكاتف قائلاً "على مدى العامين الماضيين، كان بعض أعضاء المجلس الوطني يعملون بجد، ليلاً ونهارًا، بموارد محدودة لخدمة كل شخص يحتاج إلى المساعدة والدعم. ولسوء الحظ، لم أر مجتمعنا متفاعلًا أو داعمًا".

كما اعتبر البعض أيضاً أنها كانت رسالة مُهينة لجذورهم الشرق أوسطية إذ قال "صحيح أننا مجتمع ونخدم بعضنا البعض، إلا أنه لا يمكننا الاستمرار في حل مشاكلنا بالطريقة الشرق أوسطية." ناهيك عن أنه وصف بعض المنتسبين "بالمضطربين" معتبراً أن "نفس الأشخاص الذين خلقوا المشاكل من البداية عادوا ليتسببوا بمزيد من النزاعات".



في هذا الإطار، ثمّة تقويمان للدور "الجنبلاطي" في ما يحصل؛ أحدهما يرصد "تغيّراً ملحوظاً" في سياسة هذه الجمعية تحت إمرة سامي القاضي، تجاه عدة ملفات أهمها ملفات مستشفى "عين وزين"، وفي مقدمتها طريقة تعامل الجمعية مع التبرعات، في الخلاف مع الداخلي الذي أدى الى استقالات جمة، ومسألة عرقلة الرقمنة والشفافية. وهنا لا مبالغة في القول أنه كان تحوّل في سياسات الجمعية تجاة المنتسبين، من "التضامن" إلى "الاستحواذ على القرارات" في السنوات الأخيرة، وتحويل هذه الجمعية العريقة إلى مجرّد تجمّع غير مُجدٍ بخدمة مصالح سياسية ضيقة لا اجتماعية واسعة وهو ما من المتوقع أن ينعكس خسارة للمرشح تيمور جنبلاط بالحصول على صوت المغتربين الممتعضين بغالبيتهم من أداء رجل جنبلاط الأول في أميركا سامي القاضي. علماً أنه يتردد في الأوساط أن النائب تيمور يرفض وجوده ويُفضّل إقالته من منصبه.

أما التقويم الآخر، فيتوقع تغيير الشخص (أي القاضي) بدون تغيير جذري، على ضوء الانتخابات القادمة دون إعادة الدور الريادي العريق للجمعية.
وهنا "مربط الفرس"، هل سئم المغتربون من الوعود الفارغة؟ أو التغييرات السطحية إن وقعت؟ أم سيحاسبون من أخطأ بحق وحدتهم ومن غض الأبصار عن الفساد؟ والأهم هل يحتمل جنبلاط خسارة صوت المغتربين؟

بحث

الأكثر قراءة