"الصليب الأحمر" تحت مرمى النيران الروسية في ماريوبول

رصد | | Thursday, March 31, 2022 10:55:00 AM


نداء الوطن

عادت "الأجواء التفاؤلية" التي صدرت من "محادثات اسطنبول" إلى التراجع بشكل دراماتيكي، ديبلوماسيّاً وميدانيّاً، في وقت يتدهور فيه الوضع الإنساني في مدن أوكرانيّة عدّة، خصوصاً في ماريوبول، ما أدّى إلى فرار أكثر من 4 ملايين أوكراني من بلادهم حتّى الآن هرباً من "الحرب العبثيّة" التي تشنّها موسكو، بحسب ما ذكرت الأمم المتحدة. وطال القصف الروسي مبنى تابعاً للجنة الدولية للصليب الأحمر في ماريوبول المحاصرة، حيث لا يزال حوالى 160 ألف مدني عالقين وسط القصف العنيف والمعارك الضارية ويواجهون "كارثة إنسانية".

وفي هذا الصدد، أوضحت أمينة المظالم الأوكرانية ليودميلا دنيسوفا في بيان أن "الطائرات والمدفعية قصفت المبنى الذي يحمل شعار الصليب الأحمر على خلفية بيضاء، وهذا يدلّ على وجود جرحى ومعدّات مدنية أو إنسانية"، مشيرةً إلى أن لقطة جوّية تُظهر الشعار على سطح البناء، بينما أكدت متحدّثة باسم الصليب الأحمر في جنيف لوكالة "فرانس برس" أن الصورة المعروضة تُظهر مستودعاً للجنة الدولية للصليب الأحمر في ماريوبول، موضحةً أنّه "ليس لدينا فرق ميدانية، لذا لا نملك أي معلومات أخرى، بما في ذلك المتعلّقة بالضحايا أو الأضرار المحتملة".

توازياً، تعرّضت تشيرنيهيف في شمال أوكرانيا لقصف مدفعي وجوّي طوال ليل الثلثاء - الأربعاء، كما أعلن حاكم المدينة رغم إدّعاء موسكو الثلثاء تقليص نشاطها العسكري في هذه المنطقة، محذّراً من أن بنى تحتية مدنية دُمّرت ومن أن المدينة لا تزال من دون كهرباء واتصالات وماء. وفي كييف، أسقطت الدفاعات الجوية الأوكرانية صواريخ عدّة ليل الثلثاء - الأربعاء، في حين قُتِلَ أكثر من 200 من سكان إربين، المدينة الواقعة في الضاحية الشمالية الغربية لكييف، والتي تشهد معارك عنيفة، منذ بدء الغزو الروسي، وفق ما كشف رئيس بلديّتها أولكسندر ماركوشين، الذي أكد أن المدينة باتت "تحت السيطرة الكاملة للقوات الأوكرانية"، لكن الوضع فيها "لا يزال خطراً" لأنّها "هدف لقصف مصدره مدن حولها بينها بوتشا".

ووسط هذه الإنتهاكات الإنسانية الروسيّة في أوكرانيا، كلّف مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القاضي السابق في المحكمة العليا النروجية والمحكمة الأوروبّية لحقوق الإنسان إريك موس، الذي ترأس أيضاً المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، ترؤس لجنة التحقيق الدولية المستقلّة التي أُنشئت حديثاً للتحقيق في الإنتهاكات التي ارتكبتها روسيا خلال الحرب في أوكرانيا، في وقت ذكرت فيه مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه أمام مجلس حقوق الإنسان الأممي أن الهجمات الروسية الواسعة النطاق والعشوائية تُثير "قلقاً كبيراً"، معتبرةً أنها يُمكن أن ترقى إلى "جرائم حرب". كما عرضت باشليه بالتفصيل الهجمات على المنشأت الصحية، مشيرةً إلى تضرّر نحو 77 منها، بينها 50 مستشفى، إضافةً إلى تدمير كامل لنحو 10 من هذه المباني. إلّا أنها تعتقد أن العدد الفعلي "على الأرجح أعلى بكثير".

تزامناً، كشف مسؤول أميركي كبير، استناداً إلى معلومات استخباراتية أميركية رُفِعَت عنها السرية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتلقى معلومات مضلّلة حول مسار الحرب في أوكرانيا، لأنّ مستشاريه يخشون اطلاعه على حقيقة الخسائر العسكرية والاقتصادية التي تكبّدتها روسيا، لافتاً إلى أن "بوتين لم يكن على علم حتّى أن جيشه كان يُجنّد متطوّعين ويخسرهم في أوكرانيا، ما يدلّ على انقطاع واضح في حصول الرئيس الروسي على معلومات موثوقة". كما أشار إلى أن "هناك توتراً مستمرّاً الآن بين بوتين ووزارة الدفاع"، فيما أوضح الكرملين أن المفاوضات التي حصلت في اسطنبول لم تُفضِ إلى نتائج "واعدة جدّاً" ولا إلى أي تقدّم. كذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إنّ باريس لا ترى تقدّماً محرزاً في المفاوضات الروسية - الأوكرانية أو "أمراً جديداً" في الوضع في أوكرانيا.

وفي الغضون، بحث الرئيس الأميركي جو بايدن مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تزويد الجيش الأوكراني قدرات عسكرية إضافية لمساعدته في "الدفاع عن بلاده"، وفق ما أفاد البيت الأبيض الذي أشار إلى أن بايدن أبلغ زيلينسكي أن الولايات المتحدة "تعتزم منح الحكومة الأوكرانية مبلغ 500 مليون دولار كمساعدة مباشرة للموازنة"، في وقت دعا فيه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى "مواصلة تكثيف العقوبات" على روسيا حتّى خروج جميع الجنود الروس من أوكرانيا، فيما كشف مسؤول كبير في البنتاغون أن القوات الروسية بدأت بالإنسحاب من موقع تشيرنوبيل للطاقة النووية في اتجاه بيلاروسيا.

وفي المقابل، حصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من حليفه الصيني أمس على إعادة تأكيد للصداقة التي "لا حدود لها" بين موسكو وبكين في مواجهة الولايات المتحدة. واستغلّ لافروف لقاءً ثنائيّاً في شرق الصين مع نظيره وانغ يي لإعلان "نظام عالمي جديد" يرغب فيه البلدان، وقال في تسجيل فيديو نشرته وزارته إنّ "العالم يعيش مرحلة بالغة الخطورة في تاريخ العلاقات الدولية، وفي نهاية إعادة صياغة العلاقات الدولية هذه، سنمضي نحن وإيّاكم والمتعاطفون معنا، نحو نظام عالمي متعدّد الأقطاب عادل وديموقراطي".

وحول إمدادات الغاز الروسيّة إلى أوروبا وطريقة دفعها، كان لافتاً ما أعلنته الحكومة الألمانية أن بوتين أكد للمستشار أولاف شولتز أمس أن أوروبا لا يزال يُمكنها تسديد ثمن الغاز الروسي باليورو وليس بالروبل كما طلبت موسكو، في ما يبدو نوعاً من "التراجع الروسي" عن الأمر، علماً أن الكرملين كان قد أعاد التأكيد عليه قبل ساعات من المكالمة بين بوتين وشولتز. بالتوازي، تستعدّ ألمانيا والنمسا إلى احتمال وقف تسلّم الغاز الروسي وقد فعّلتا "خطّة طوارئ" على 3 مراحل لإدارة إمداداتهما بشكل محكم.

بحث

الأكثر قراءة