جديد اختراعات رياض سلامة: "عقد الإستقراض" لتمويل "الأمن الغذائي" مما تبقى من أموال المودعين!

التحري | فتات عياد | Thursday, March 31, 2022 7:12:10 PM
فتات عياد


فتات عياد - التحري

أحالت الحكومة في جلستها أمس، "عقد الاستقراض" إلى هيئة التشريع والاستشارات، في خطوة لافتة تأتي بعد قرابة ثلاثة عقود على توقيع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة "ع بياض" للحكومات اللبنانية المتعاقبة، عبر إقراض المصرف المركزي لها، "دون أي قيد، شرط... أو عقد".

وعبر اقتراح لوزير المالية، طالب سلامة بـ"عقد استقراض" بين المركزي والحكومة، محاوِلاً فيه تبرئة ذمته أمام المودعين. وهو عقد لا يغير من حقيقة إدانة سلامة، الذي "يمول" وبـ"الفريش دولار" هذه الحكومة كسائر الحكومات التي قبلها، دون أي تقدم بإصلاحات جدية في المالية والاقتصاد، لكن مع فارق خطير، وهو أنه يستنزف هذه المرة مما تبقى من احتياطي مصرف لبنان بالعملة الأجنبية، وهي الاحتياطات الالزامية للمصارف، من أموال المودعين، المحرومين الاستحصال على كامل ودائعهم، والذين لم يحصوا حجم خسائرهم بعد!

وفيما يهدف "عقد الاستقراض" بين الحكومة ومصرف لبنان "لتمويل شراء الاحتياجات الاستهلاكية الملحة التي تقع ضمن خانة الأمن الغذائي والصحي من قمح وطحين وأدوية الأمراض المستعصية والمزمنة وغيرها إضافة إلى دفع مستحقات والتزامات القروض المستحقة على الدولة اللبنانية لدى الصناديق والمؤسسات والمنظمات والشركات العربية أو الدولية"، يبقى السؤال الأهم للمصرف المركزي "من أين لك هذا"... ولو أن الأجابة بسيطة جداً على الرغم من وقاحتها، ألا وهي "من أموال المودعين!".

إقراض بالدولار الأميركي!

وفي أوج أزمة شح أموال الخزينة، واستنزاف الاحتياطي الإلزامي بالدولار في مصرف لبنان، فإن عقد الاستقراض سيتيح لمصرف لبنان إقراض الحكومة بقرض مدته عشر سنوات، وبالدولار!

وفي التفاصيل، وحسبما جاء في متن مشروع "عقد الاستقراض" الذي من المفترض أن تدرسه هيئة التشريع والاستشارات، يتولى المصرف المركزي دفع المبلغ المطلوب إقراضه للحكومة "بالدولار الأميركي"، مقابل تعهد الأخيرة بسداد القرض مع الفوائد المترتبة عليه "من إيرادتها بالعملات الأجنبية" على شكل أقساط سنوية لمدة لا تتجاوز العشر سنوات.

أما في حال تعذر ذلك -وهو أمر غير مستبعد- فحينها يقوم مصرف لبنان باستيفاء قيمة القرض "من حساب وزارة المالية المفتوح لديه بالليرة اللبنانية وفق سعر منصة صيرفة".

سلامة يحمي نفسه

ونسأل الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان عن أبعاد هذا العقد وخطورته، ليقول بأنّ "كافة إجراءات تمويل المصرف المركزي للدولة من قبل مصرف لبنان سابقاً، لم يكن فيها أي عقد أو مستند مشابه لعقد الاستقراض الذي طرح اليوم، ما يثير الريبة حوله." ويسأل "شو عدا ما بدا اليوم" واضعاً هذا العقد في خانة محاولة سلامة "حماية نفسه من تداعيات إقراض الدولة".

وعملياً، فإن إقراض المصرف المركزي للحكومة "يجب أن يتم وفق مدة زمنية قصيرة لضمان استيفائه، بينما مدة الاستيفاء هنا وهي عشرة سنوات، تعتبر طويلة جدا" برأي أبو سليمان، لا بل وتأتي في وقت "لم يوضع فيه لبنان على سكة الإصلاحات بعد ولم يعقد اتفاقا مع صندوق النقد الدولي، ما يجعل تسديد الدولة لدينها هذا، صعباً جداً أو ربما شبه مستحيل إذا ما استمر الوضع على حاله".

هنا، يلفت إلى أنّ "أحد أبرز أهداف صندوق النقد في اتفاقه مع الدولة اللبنانية، هو إقرار إصلاحات تضمن قدرة الدولة على سداد دينها للصندوق، فكيف إذا استدانت الدولة من المصرف المركزي، دون الشروع بعد بأية إصلاحات اقتصادية ومالية؟".
ونسأله عن "مصادر ذلك التمويل" ليقول أن "الاحتياطي الالزامي لمصرف لبنان بالدولار، أو ما تبقى منه، هو بمعنى أدق، الأموال المتبقية من ودائع المودعين".
وفي وقت تُحجز فيه ودائع المودعين في المصارف، وينتظرون تجرّع قانون كابيتال كونترول يقوض حركة ودائعهم المقوضة أصلاً، وعينهم على ما سترسو إليه أزمة المصارف، لمعرفة ماذا تبقى من ودائعهم، ومتى وكيف سيستحصلون عليه، فإنّ "أقل الإيمان هو سؤال المودعين رأيهم في إقراض الدولة"، هم الذين لم تتم استشارتهم في السابق، فخسروا جزءاً من ودائعهم، وها هو الجزء المتبقي تساومهم المنظومة عليه!".

سلامة ينقذ المنظومة؟

ويمول سلامة اليوم "الأمن الاستباقي" للمنظومة الحاكمة، أكثر منه "الأمن الغذائي"، تعويماً لشعبيتها المهزوزة قبل أسابيع على الاستحقاق الانتخابي، على قاعدة "مرقلي تا مرقلك"، ففي وقت هي تريد تمرير استيراد الحاجات الغذائية الملحة لا سيما القمح بعد تفاقم أزمة استيراده نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا، منعاً لـ"ثورة جياع" مع تهديد الخبز، "لقمة الفقير"، "يبيع" سلامة السلطة هذا "التمويل" علّها تجد له بالمقابل مخرجاً من أزمته القضائية، أقله على المستوى اللبناني، هو الملاحق قضائيا في بلدان أوروبية عدة بتهمة "الإثراء غير المشروع" وما زال حتى اللحظة "حاكم المصرف المركزيّ"!

بحث

الأكثر قراءة