سياسات إصدار جوازات السفر في لبنان تفرّق بين الرضيع وأمه...والوالدة للتحري: "كتير هلقد ظلم"!

التحري | | Wednesday, April 20, 2022 3:53:19 PM


فتات عياد

كالسجين الذي لا حول له ولا قوة، سجن مئات آلاف اللبنانيين في لبنان، بلا جوازات سفر صالحة، بعد أن تم تضييق سياسات إصدار جوازات السفر الجديدة، بحجة التمويل وكفاية الأوراق للطباعة تارة، والضغط على مراكز الأمن العام طوراً، وهذا السجن الكبير، وضع المواطنة إ.غ اليوم أمام واقع ترك ابنها الرضيع في لبنان، أو البقاء وإياه -بالإكراه- 6 أشهر أخرى، حتى يأتي دور استحصاله على جواز سفر على منصة إصدار الجوازات، يمكنه من السفر مع أمه إلى السعودية!


ووقف اللبنانيون على طوابير الذل في محطات الوقود، قبل أن يرفع عنها الدعم، ووقفوا في طوابير الذل يستجدون ربط خبز، وها هي ايضا، سيرفع عنها الدعم، أما أن يمنعوا من استصدار جوازاتهم -إلى حين- فهي مظلومية تصل إلى حدّ تقييد تحركات اللبنانيين بل وحجزهم في بلدهم، مع ما يسفر عنه هذا الوضع من خسارتهم لوظائفهم في الخارج، ولحياتهم فيها، وتهديد أمور عيشهم، وصولا لحالات إنسانية شبيهة بالتي نتناولها في مقالنا...

"العلقة" في لبنان!

وتروي إ. غ في حديث للتحري ما حصل معها حيث أتت الى لبنان في زيارة من السعودية وكانت في الشهر السابع، ونظرا لخطورة عودتها بالطائرة، قررت وضع مولودها في لبنان، ولم يخطر على بالها ان هذا القرار سيعود عليها بـ"العلقة بلبنان قسراً".
إذ وبعد ولادتها طفلها، والاستحصال على أوراقه، بدأ مسار الاستحصال له على جواز سفر، لتستطيع العودة وطفلها إلى زوجها في السعودية، قبل أن تتفاجأ بضرورة التسجيل في المنصة المستحدثة لتسجيل طلب حصول على جواز سفر، وتأخذ لابنها أقرب موعد متاح وهو في شهر تشرين الأول، أي بعد ستة أشهر من الآن!

لكن الوالدة لم تستسلم لهذا الواقع، نظرا لاستحالة سفرها دون ابنها الرضيع، وحاجتها الماسة للعودة لحياتها في السعودية، وحاجة الأب للاجتماع بابنه، فكان أن اتصلت بالخط الساخن للأمن العام 1717، ليطلبوا منها إعداد الطلب كاملا على أن يبت بتسهيله خلال سبعة أيام نظرا للحالة الإنسانية، لكن "أحدا من الأمن العام لم يرد علينا" تقول الوالدة، ما اضطرني "للاتصال بهم مجددا، ليجيبوني برفض الطلب، دون إعطاء تبريرات".
وتسأل الوالدة والدمعة في عينيها "ما عندي واسطة ومانعين الناس تزور المسؤولين بمراكز قوى الأمن... طيب أنا كيف بدي إترك ابني عمره 60 يوم بلبنان دون إمه؟ وكيف بيّه شهرين محروم يشوفه؟ كله لأني قررت أوضع جنيني بلبنان؟ إنحبس هالحبسة كلا؟".

وإذ توجه نداء للنظر في حالتها، واضعة إياها بمتناول الرأي العام اللبناني، تسأل الجهات المعنية "إبني ما في شي غلط بطلبه.. أنا ما بعمري انتخبت، وابنتي عمره شهرين وما بينتخب... شو بدكن فيه تحبسوه وتعرقلوا سفرته!".

ظلم مضاعف

من جهتها، تبرر المديرية العامة للأمن العام لجوءها للمنصة والحد من اصدار الجوازات بأنه "منذ أكثر من سنة ونصف تشهد ازديادا كبيرا في اعداد المواطنين الراغبين في الاستحصال على جوازات سفر لبنانية، بحيث تخطت هذه الطلبات أضعاف طلبات السنوات السابقة الامر الذي انعكس ازدحاماً في مراكز الامن العام".
وتعزو تعذر تسيير كافة طلبات المواطنين وتسليمهم جوازات السفر ضمن المهل المحددة "لأسباب إدارية وتقنية ولوجستية"، مبررة اتخاذها "سلسلة إجراءات تنظيمية، وصولاً الى إطلاق المنصة الإلكترونية لحجز مواعيد محددة مسبقا لتقديم طلبات جوازات السفر".
وإذ تلفت المديرية، ودوما لتبرير حرمان اللبنانيين حقهم الحصول على الجوازات بالسرعة المطلوبة، إلى أن "الأغلبية الساحقة من المواطنين استحصلت على جوازات سفر دون استعمالها وقد بلغت هذه النسبة حوالي 69%."، يخفى عليها أن هذه النسبة من اللبنانيين تعكس انعدام ثقتهم بالدولة وخوفهم من تعذر استحصالهم على الجوازات لحظة حصولهم الاضطراري عليها، وهو ما حصل اليوم بالفعل مع إ.غ، لا بل مع آلاف اللبنانيين غيرها.

والحصول على جواز سفر ليس "ترفاً" في بلد كلبنان، حيث الهجرة باتت عنوانا لأهله القابعين تحت الفقر نتيجة فساد المنظومة الحاكمة، سيما وأنّ طلبات المنح والعمل في الخارج غالباً ما يطلب فيها تعبئة رقم جواز سفر صالح، أي أن وجود جواز السفر ساري المفعول هو ضرورة للقبول في منحة أو وظيفة، وعرقلته جريمة أخرى بحق لبنانيين يريدون الهرب من سجن المنظومة الحاكمة بأي وسيلة، وحتى الهرب بات يستنزف وقتهم وأعصابهم، لا بل يفرّق الأب عن ابنه، والأم عن رضيعها!

بحث

الأكثر قراءة