دور عرض بلا أفلام: انسحاب شركات الإنتاج الأميركية من روسيا

فن | | Tuesday, June 21, 2022 9:45:17 AM


سامر إلياس- العربي الجديد

أنهت الحرب الروسية على أوكرانيا الآمال بانتعاش قطاع السينما الروسية، المترنح أصلاً بسبب تأثيرات جائحة كورونا على الإنتاج وحضور العروض الجديدة في دور السينما. وبعد نحو أربعة أشهر على الحرب، توقعت جمعية مالكي دور السينما الروسية أن تعلن أكثر من نصف دور العرض في روسيا إفلاسها، وتغلق أبوابها حتى نهاية العام الحالي، مع تراجع الجمهور قرابة 70 في المائة، إثر قرار كبريات الشركات المنتجة للأفلام في هوليوود وقف تعاملاتها مع السوق الروسية، ومنع توزيع أفلامها الجديدة.

ويحذر خبراء من أنه في حال استمرار وقف الأفلام الأميركية الجديدة؛ فإن الصورة ستغدو أكثر قتامة، ويتوقعون إغلاق 90 في المائة من دور السينما، وعدم وجود مكان لعرض الأفلام الروسية التي تخصص لها الدولة مليارات الروبلات سنوياً.

بدورها، ذكرت وكالة "تاس" الحكومية، نقلاً عن جمعية مالكي السينما الروسية، أن جمهور شبابيك العرض قد تراجع قرابة 70 في المائة منذ بداية مارس/ آذار الماضي، مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، ما تسبب في إغلاق عدد كبير من دور السينما، واقتصار العروض على عطلات نهاية الأسبوع. ورجحت الجمعية أن تصل خسائر دور العرض، حتى نهاية العام الحالي، إلى 11 مليار روبل (200 مليون دولار تقريباً).

وبعد نحو أسبوع على الحرب الروسية على أوكرانيا، أعلنت استوديوهات Warner Bros وWalt Disney وParamount وSony وUniversal Pictures الانضمام إلى الجهات الفارضة العقوبات على روسيا، ووقف توزيع أفلامها فيها.

وتسبب تراجع الإقبال في مشكلات كبيرة في دور السينما، خصوصاً في المدن والمناطق البعيدة عن موسكو، بشكل واضح. وكشف ألكسندر غونشاروف، مفوض حماية حقوق رجال الأعمال في منطقة تشيليابينسك في منطقة الأورال شرقي روسيا، أن عدداً من دور السينما أغلق أبوابه، واضطرت البقية إلى تقليص العروض، أو الاقتصار على حفلات في عطلة نهاية الأسبوع. وذكر في تصريحات لوكالة "تاس"، في 13 يونيو/حزيران الحالي، إن بعض دور السينما بدأت بتسريح موظفيها.

ولا يختلف الوضع كثيراً في محافظة نيجني نوفوغورود، الأقرب إلى موسكو. فحسب جميعية مالكي دور السينما الروسية، تراجع دخل العروض في الشهرين الماضيين قرابة 70 في المائة، ولم تحقق عروض الأفلام الروسية أكثر من 10 في المائة من الدخل. كما حذرت من أن تراجع الإقبال سيؤدي إلى إفلاس دور السينما. وقررت سلطات المحافظة منح دور السينما الخاصة إعانات لدفع فواتير الخدمات ودفع رواتب الموظفين، شريطة الاحتفاظ بنسبة معينة من العاملين فيها.

كما ذكرت جمعية مالكي دور السينما في روسيا أن 36% من دور السينما في البلاد أغلقت أبوابها حتى منتصف إبريل/ نيسان الماضي، وتقلصت دور العرض إلى ثلاثة آلاف و633 داراً. ورجحت، في تقرير لها، أن تصل خسائر دور السينما إلى 11.1 مليار دولار حتى نهاية العام الحالي. وقللت من إمكانية أن تساهم الأفلام المحلية في إنقاذ الوضع، بل إنها توقعت ألا يزيد الدخل من عرض الأفلام الروسية عن 6.1 مليارات روبل (108 ملايين دولار).

وتجنباً لانهيار قطاع السينما في العاصمة موسكو، قررت سلطات المدينة دفع ثمن تراخيص عرض الأفلام في جميع دور العرض لشركات التوزيع كاملة في النصف الاول من العام الحالي. وكذلك تحمل ربع نفقات التصوير في موسكو عن شركات الإنتاج السينمائي، كما خصصت مبالغ للإعلانات في دور السينما أثناء العروض. وطالبت جمعية دور السينما في العاصمة السلطات بإجبار مراكز التسوق الكبرى، حيث توجد صالات عرض سينمائية، بخفض تكلفة الإيجارات الشهرية.


ووفقاً لتقرير صندوق السينما الروسي، بلغ إجمالي عائدات شباك التذاكر في عام 2021 ما يصل إلى 40.7 مليار روبل عن 145 مليون تذكرة، ولم تتجاوز حصة عروض الأفلام الروسية منها أكثر من 25.6 في المائة. ولم يكن ضمن قائمة الأفلام العشرة الأكثر دخلاً ومشاهدة إلا فيلمين روسيين، أحدهما بإنتاج مشترك مع Walt Disney، والثاني بالاشتراك مع Columbia Pictures الأميركيتين.

في هذا السياق، يُشار إلى أن قرابة 55 ألف شخص يعملون في صناعة السينما في روسيا، من ضمنهم 35 ألف موظف في دور العرض، و20 ألف موظف في إنتاج الأفلام.
وبدوره، طلب صندوق السينما الروسي من الحكومة دعماً عاجلاً بقيمة 6.5 مليارات روبل، لضمان استمرار جزء من دور العرض حتى الخريف المقبل. كما خصصت الحكومة الروسية ما يعادل 14.5 مليار روبل لدعم قطاع السينما في البلاد، وصُرف 60% منها على إنتاج أفلام الجديدة.

من جهته، يسعى صندوق السينما إلى الحصول على باقي التمويل لاستمرار عمل دور السينما في البلاد. ويحذر خبراء من أن عدم تقديم دعم حكومي، سيتسبب في إغلاق دور السينما الصغيرة، ولكن الأثر سيطاول، تدريجياً، الشبكات الأكبر فالأكبر في حال استمرار غياب عرض أفلام هوليود. ومن غير المستبعد أن تتأثر دور العرض الحكومية، البالغة 900 دار عرض في روسيا، وحينها قد لا تجد الحكومة مكاناً لعرض الأفلام الروسية التي دعمتها بمليارات الروبلات.


بدوره، أشار المخرج الروسي فاليري فوكين إلى خطر تأخير الدعم. وقال في حوار مع "راديو سفوبودا" إنه في حال إغلاق دور السينما بسبب الأزمة الحالية، فإن إعادتها إلى ما كانت عليه، ستحتاج إلى ما بين 10 و15 عاماً على الأقل. والمعلوم أن كثيراً من دور السينما الضخمة أغلقت أبوابها بداية التسعينيات من القرن الماضي، وتحول قسم كبير منها إلى محلات لبيع الأثاث والموبيليا والأدوات المنزلية.
لا يقتصر أمر المقاطعة على شركات الإنتاج السينمائية الأميركية وحسب، بل بادر عدد من المهرجانات إلى مقاطعة كل ما يتعلق بالسينما الروسية. ففي الشهر الماضي، أكّدت إدارة مهرجان كان السينمائي رفضها طلبات اعتماد الصحافيين الروس المرتبطين بمؤسّسات لا تلتزم موقف إدارة المهرجان من الصراع في أوكرانيا.

وكان المهرجان قد أدان علناً الحرب الروسيّة على أوكرانيا، وألغى رسمياً دعوات جميع المندوبين الروس الرسميّين، وكذلك أيّ شخصية مرتبطة بالحكومة الروسيّة، للمشاركة في نسخة العام الحالي، التي أقيمت بين 17 و28 مايو/ أيّار الماضي.

بحث

الأكثر قراءة