معن الخليل يجتاح بيروت بالجرافات ويتهم فؤاد مخزومي بالعمالة لإسرائيل بعد أن تصدى له: ما القصة؟ (مستندات ووثائق)

التحري | مريم مجدولين اللحام | Monday, June 27, 2022 10:31:55 AM
مريم مجدولين اللحام


مريم مجدولين اللحام - التحري

ليس من المتصوّر عقلاً أن يكون رئيس بلدية الغبيري معن الخليل قد اعتقد أن نواب بيروت وأهلها سيقفون مكتوفي الأيدي، حين قرّر اللجوء إلى فائض القوة التي يستمدها من الثنائي ناخبيه، لحسم نزاعه مع بلدية بيروت، وأقدم بالفعل على غزو "سوق الخضار - المدينة الرياضية" أمس 25 حزيران/ يونيو بجرافاته. أي، لم يكن من المفترض أن يكون قد فوجئ بتدخل النائب فؤاد مخزومي واتصاله الفوري بوزير الداخلية المولوي لايقاف المهزلة وأن للأرض أصحاب ومشرّعين ورجال دولة.

أسلوب مافيات

أما الآن وقد سلكت بلدية الغبيري طريق التعدي على العقار التابع لبلدية بيروت، يشعر المراقب أنه في حرب مافيات. فتارة، يشن رئيس بلدية الغبيري هجوماً كلامياً شرساً بعيداً عن أصول المخاطبة ينعت فيه النائب مخزومي بالمأزوم "المأزومي" وطوراً يفقد صوابه ويوجه للنائب اتهاماً خطيراً بالتطبيع مع الصهاينة ويصفه بالمطبع.

لنفاجئ أنه ذهب إلى حد تجاهل دعوة وزير الداخلية لحل الأمر اليوم الإثنين، وأنه قد أرسل شباباً الأحد يلبسون شارات بلدية الغبيري إلى عقار بلدية بيروت، صرخوا مهددين "بتنظيف المكان"... ليسجل بعدها ادعاءً لدى فصيلة بئر حسن اتهم فيه المخزومي بتكسير الحائط الفاصل بين ما أسماه "العقار المخصص لبلدية الغبيري" وسوق الخضار. على قاعدة "ضربني وبكى سبقني واشتكى": لجأ المعتدي للقانون بعد كل ما قام به!

ربما يكون معن الخليل قد اعتقد، حين أطلق "العملية العسكرية الخاصة في سوق الخضار"، أن عناصر شرطته التي تحركت لاقانونياً بالرغم من تعليمات وزير الداخلية، تملك ما يكفي من القوة العسكرية لتمكينه من اجتياح أملاك بيروت. وأن اجتياحه سيولّد ضغطا كبيراً يكفي للإطاحة بالحقوق، بحكم وضع اليد. وعندها ستصبح بلدية بيروت أمام أمرٍ واقع، يجبرها على محاولة تهيئة الأجواء، للبحث عن تسوية سياسية مقبولة من "حزب الله" و"حركة أمل"، تقوم على قبول التنازل عن 17200 متر مربع يدعي أنها ملك الضاحية الجنوبية. غير أن هذا السيناريو لم يتحقّق على أرض الواقع، وكان له النائب فؤاد مخزومي بالمرصاد بالتعاون مع وزير الداخلية.

أيا هو مخطط رئيس بلدية الغبيري التوسعي نحو قضم أجزاء من أملاك بيروت بحجج التعدي وأن هناك "من يأخذ خوّات في سوق الخضار ويُأجّر على هواه، أو أن صاحب الأرض لم يلتزم بعقد البيع مع بلدية بيروت ولم يقم بما عليه"، لا يغيّر تباين الآراء في هذه المسألة شيئاً من حقيقة ما جرى ويجري بالفعل على أرض الواقع، ينوي الخليل التعدي دون أن يقدم مستنداً واحداً يدل على صحة ادعاءاته.

لا يملك أي مستندات

رسم له فريق عمله خريطة وضع عليها أرقام وحدد فيها المساحة التي ينبغي عليه "السلبطة" عليها لضمها إلى بلديته. كل ذلك بالرغم من أن هناك مستند عبارة عن قرار رقم 124 منذ سنة 1981 عن وزير الداخلية يحدد ان السوق كانت مساحته6700 م² (من عقار 4517 باللون الأحمر). وحينها طبعا دفعت بلدية بيروت ما عليها من تعويضات والتزامات شتى ليُصار بعدها بسنة، أي 1982، إصدار قرار رقم 11 بموجبه دفعت بلدية بيروت تعويض عن اشغالها الأرض وما تلاه ان البلدية ارتأت أنه من الافضل شراء العقار كله 13786 م² من آل مقبل وبعقد بيع واضح وصحيح منظم لدى كاتب العدل محمود الحسامي.

وفي سنة 2015، صدر عن أمين عام مجلس الوزراء الموافقة على استمرار بلدية بيؤوت باشغال القسم المحدد من العقار 3016 كملك للدولة اللبنانية غير مخصص لبلدية الغبيري كما يدعي الخليل، كون المكان يحقق المنفعة العامة ويشكل عاملاً حيوياً ويسهل أمورهم الحياتية خصوصاً وأن بلدية بيروت أقامت إنشاءات على العقار لهذا الغرض وهو قرار اتُخذ بعد المداولة من قبل مجلس الوزراء، في اشغال العقار رقم 3016 من منطقة الشياح العقارية -ملك الدولة لا البلدية- كسوق الخضار والفاكهة بالجملة لمدينة بيروت. وهو القرار الذي يُزعج الخليل.

لذا يحاول منذ السنة الفائتة 2021 معن الخليل التوسع وفرض قوته على الأرض، وعندما طلبت الجهات المختصة في بلدية بيروت من الخليل تقديم ما لدية من مستندات "نفّض للموضوع" وتنصّل وقرر المضي بمخطط السطو نفسه.
وعليه، صدر قرار عن وزير الداخلية الحالي بـ"إلغاء موافقة وزارة الداخلية والبلديات على عقد التخصيص مع اقتراح النظر بإيداع وزارة الداخلية خريطة مفصلة للعقار 3017/الشياح تُبيّن الاقسام التي تم تخصيصها والجهة المخصصة لها بغية تدارك أية ملفات تخصيص مكررة تؤدي إلى ازدواجية التخصيص مستقبلاً" وذلك بعد قيام بعض أعضاء مجلس بلدية بيروت بمراجعة المديرية العامة للإدارات والمجالس المحلية وإبرازهم للمستندات والخرائط للعقار لاسيما قرار مجلس الوزراء رقم 14 تاريخ 26/5/2016 الذي يتعارض مع ادعاءات بلدية الغبيري.

فائض قوة الثنائي

مؤكّدا أن لدى الخليل حدا أدنى من "أهداف وضع اليد، وبناء أي منشأة أو حيط أو حجر كي تكون كمسمار جحا الذي يطالب بعدها بحقه فيه" ولا بد من أنه يرى أنه قادر على تحقيق ذلك بالقوة. وهذه الأهداف هي، في تقدير الكثيرين، ضم سوق الخضار نهائيا إلى الضاحية الجنوبية. ويتضح تماما من المسار الذي سلكه من تهجم وإهانات واتهامات بالعمالة للنائب مخزومي الذي تصدى لمخطته و"خرّب عليه الطبخة" الخليل مصمّم كل التصميم على تحقيق هدفه المدفوع إليه والذي لن يتنازل عنه مطلقا، ولو تطلب الأمر دفع الأمور نحو حافّة الهاوية، وانزلاقه إلى مستوى اتهامات بالعمالة لاسرائيل وقوله جهارة أن المخزومي "نائب التطبيع" وأنه "مرتزق" و"المتوسل لاعفائه من رسوم بلدية الغبيري" كلام سوقي من مستوى أراد الخليل أن يضع نفسه فيه.

أما من الناحية القانونية البعيدة عن "فورة اعصاب" الخليل، يذهب جلّ المختصّين في القانون إلى أنّ إرساله جرافات لتكسير المنشأة في مقام أوّل، وكسر كلمة وزير الداخلية وإرساله شرطة بلديته للترهيب في مقام ثان، لا ترتكز على سند قانوني. ذلك أنّ حتى لو كان يرى أن في الأرض "زعران وأصحاب خوات وبلطجية أو ميليشيا كما يدعي" لا يمنحه صلاحية التصرف فالأرض ليست تابعة لبلديته. بل تنصّ الوثائق صراحة على أنّ الأرض تحت سلطة بلدية بيروت بقرار من مجلس الوزراء.

وما قام به الخليل يُعد اعتداءً على سلطة بلدية اخرى، تدعمها قوّات شرطة الغبيري، على سلطة بلدية بيروت، ويندرج ضمن مسار تعزيز نفوذ رئيس بلدية الغبيري بالفرض لا القانون. ويؤدّي ذلك عمليّا إلى أن تفقد بلدية بيروت قيمتها الرمزية/ المرجعية باعتبار أن هناك شرطة بلدية أخرى تنقص من هيبتها على أرض تابعة لها. ويفضي ذلك النهج الأشبه بالميليشياوي الانتقائي في التعامل مع القانون إلى تيئيس أهل بيروت من مفهوم حماية الدولة اللبنانية لحقوقهم. ولسان حالهم يقول: ما الفائدة من قانونية ملكنا إن كان الأمر لفائض القوة؟ وما الفائدة من وجود القانون، إن كان يسهل على رئيس بلدية وصم أهل بيروت الذين اختاروا المخزومي ممثلاً عنهم بالمطبعين مع العدو الصهيوني وما من أحد يوقف هذا الذي لا يحترم الناس عند حدوده، لحماية حزب الله وحركة أمل له؟!








بحث

الأكثر قراءة