لا قِسمَة لجِبنَة "التجنيس"

المحلية | فادي عيد | Tuesday, August 9, 2022 1:37:04 AM


"ليبانون ديبايت" - فادي عيد

بمعزلٍ عن بيانات النفي المتعدّدة المصادر، فإن قضية "بيع" الجنسية اللبنانية، عادت إلى الواجهة، لتطرح من جديد إشكاليات التجنيس والعرف الذي بات أمراً واقعاً، ويسمح بحصول مثل هذه "الصفقات" التي يستفيد منها الأثرياء ورجال الأعمال المتموّلين. وبين النفي والتسريبات والتلميحات في الكواليس السياسية، فإن التحضير لمرسوم تجنيس جديد ليس خبراً جديداً، بل سبق التداول به منذ مطلع العام الحالي، لكن المعنيين، وعلى رأسهم قصر بعبدا، نفوا هذا الأمر بشكلٍ قاطع في حينه، ويكرّرون اليوم، فيما يعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن المرسوم "لن يمرّ".

إنكسرت الجرّة ما بين قصر بعبدا والسرايا الحكومي، ولكن ما كسرها، ليس حجر التشكيلة الحكومية التي تقدّم بها الرئيس المكلّف على عجل إلى رئيس الجمهورية فحسب، بل تداعيات "مشروع مرسوم التجنيس المشبوه"، الذي كُشف النقاب عنه في صحيفةٍ فرنسية.

وبمعزلٍ عن عدد طلبات الجنسية المقدّمة والمقدرة بالآلاف، أو أكلافها المرتفعة والمقدّرة بملايين اليورو، فإن الأساسي في هذه المسألة، وبحسب أوساط سياسية مسيحية مطلعة، هو الخطر الكبير الذي كان سينجم عن مثل هذه الخطوة، في حال تأكّدت صحتها، والإرتدادات المباشرة على سمعة المسؤولين اللبنانيين في الخارج، خصوصاً وأن الصحيفة الفرنسية التي نشرت الخبر، تحدّثت عن ملايين قد تمّ دفعها في هذا الإطار.

لكن هذه الأوساط، كشفت ل"ليبانون ديبايت"، عن أنه، وبعد الضجة التي حصلت، والحرب التي اندلعت بفعل المرسوم المذكور، قد بات من الصعب، ولكن ليس من المستحيل، "تمرير" مثل هذا المشروع، على الأقل خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مشيرةً إلى وجود معطيات عدة تؤكد انطلاق العمل بطلبات الجنسية، وفق ما درجت عليه العادة في هذا المجال، وكما حصل مع مرسوم التجنيس الأول، حيث أن كلّ المعنيين بملف التجنيس، وهم المؤسّسات التابعة للمراجع الروحية المسيحية والإسلامية وأصحاب النفوذ الواسع من السياسيين، قد باشروا منذ مدة بتحضير الملفات لطالبي الجنسية من عائلات وأفراد، وذلك لقاء مساعدات أو دعم مالي لهذه المؤسّسات.

ومع نشر تقرير صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية، توقّفت كل الآليات التي كانت قد انطلقت، كما تشير الأوساط نفسها، وتوقف المشروع برمّته، ولكن من دون أن يعني ذلك أن ما من أموال قد دفعت من قبل المستفيدين إلى الوسطاء على أنواعهم، ولكن في الخلاصة "لا قسمة للجِبنة"، بل حملات واتهامات وتأكيد بعدم بيع الجنسية اللبنانية مهما كان الثمن مرتفعاً، ومطالبة الصحيفة الفرنسية بالإعتذار وتصحيح الخبر.

وإذا كان التجنيس قد تحوّل في العهود السابقة إلى عرفٍ، فإن الأوساط لا ترى في الظروف الحالية، وفي ظلّ واقع العلاقات المأزومة بين الرئاستين الأولى والثالثة، أي إمكانية للسير بأي خطوة من هذا النوع، حيث تجزم الأوساط المسيحية، بأنه من الجيد أنه تمّ إحباط هذا المرسوم، كونه كان سيشكّل نهايةً وخيمةً للعهد كما للرئيس المكلّف.

بحث

الأكثر قراءة