"كُلّفا بالحفاظ على مكانتها"... مستقبل دبي بين "أميرَين مختلفَين"

اقليمي ودولي | | Monday, September 19, 2022 8:01:34 AM
عربي بوست

نشرت وكالة Bloomberg الأميركية، الأحد، 18 أيلول 2022، تقريراً مفصلاً عن مدينة دبي، وقالت إن مستقبلها يقع بين أيدي أميرين مختلفين للغاية، هما نجلا حاكمها، محمد بن راشد آل مكتوم، حيث يتصدر أحدهما وسائل الإعلام، والآخر يوصف برجل الأرقام.

"بلومبرغ" سلطت في تقريرها الضوء على ملامح شخصية الأميرين، اللذين لم يتجاوزا الـ40 من العمر، بالإضافة إلى "المسؤولية" التي يحملانها، ومدى تأثيرهما الحالي على المدينة.

تقرير الوكالة الأميركية، أوضح أن الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم (39 عاماً)، ولي عهد دبي، وشقيقه الشيخ مكتوم (38 عاماً) "كلفا بالحفاظ على مكانة المدينة، كمركز أعمال في الشرق الأوسط، وسط المنافسة العالمية وحالة التمحيص الدولي عقب الحرب الروسية على أوكرانيا".

يُلقَّب الشيخ حمدان بـ"فزَّاع". وقد عُيِّن ولياً للعهد عام 2008، مُتجاوِزاً شقيقه الأكبر الشيخ راشد، الذي توفي عام 2015 عن عمر 33 عاماً.

إلى ذلك، قال ناصر الشيخ، المدير العام السابق للدائرة المالية في دبي: "اعتبروها شركة. فيكون حمدان هو رئيس مجلس الإدارة ومكتوم هو المدير التنفيذي. فحمدان هو واجهة دبي وولي العهد، لكنَّ القرارات بشأن كل المسائل تُتَّخذ بعد التشاور بين الشقيقين".

وتتعرض دبي لضغوط من أجل التضييق على تدفق الأموال غير المشروعة، وفي حين أنَّ أزمة الطاقة ربما تكون قد وفَّرت دفعة لعائدات النفط في الإمارات العربية المتحدة، لكنَّها على المدى الأطول ستُعجِّل بابتعاد العالم عن أنواع الوقود الأحفوري.

يحتاج الشقيقان أيضاً للحفاظ على التوازن الحساس للسلطة في الإمارات. يأتي ذلك بعدما أقنعت قيادة دبي أبوظبي بإعادة التركيز على الأعمال والاقتصاد وتقليل التركيز على السياسة الخارجية التي أدَّت إلى انخراطات عسكرية في صراعات تمتد من اليمن إلى ليبيا وتركيا.

في الوقت نفسه، تُمثِّل السعودية تحدياً آخر في ظل رغبتها في محاكاة دبي لتكون نقطة جذب للاستثمارات والمواهب الأجنبية.

كما يسلط التقرير الضوء على ملامح شخصية الشيخ حمدان، ويشير إلى أن حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي تمتلئ بصور رسمية، لكن له أيضاً صور أثناء القفز بالمظلات وتسلق الجبال وركوب الخيل، أو الوقوف على قمة أطول برج في العالم.

ويملك حمدان 14.6 مليون متابع على إنستغرام، ويختلط مع الناس في مراكز التسوق والمطاعم في دبي، مواّصلاً صورة القائد الذي يمكن الوصول إليه، والتي صاغها والده خلال تجهيزه لدوره المستقبلي.

ويرافق حمدان والده في معظم اللقاءات مع الحكام الآخرين لمشيخات الإمارات، ويترأس المجلس التنفيذي لإمارة دبي المؤلف من 22 عضواً ويضم شقيقه.

ووفقاً للتقرير، فإن شقيقه الشيخ مكتوم يظهر "في صورة رجل قد يكون أقل بروزاً في المشهد الاجتماعي بالمدينة، لكن تأثيره يلقى إشادة المستثمرين الأجانب، ويجعل المديرين التنفيذيين في الشركات التي تديرها الحكومة واقفين على أصابع أقدامهم".

وانطلق مكتوم إلى دائرة الضوء حين عُيِّن وزيراً للمالية في الإمارات في أيلول 2020 بعد وفاة عمه.

وقد أدَّى تزعُّمه لجهود بيع أسهم الشركات المملوكة للدولة إلى لفت انتباه المستثمرين إليه. فقد دعوا لسنوات إلى طرح أسهم الشركات التي تديرها الدولة من أجل تعزيز سوق المال في دبي.

من جانبها، قالت الشيخة نجلاء القاسمي، الباحثة الأولى في مركز دبي لبحوث السياسات العامة (بحوث): "يلعب الشيخ مكتوم حالياً الدور المحدد له، وهو دور معين وتقني. في حين أنَّ دور الشيخ حمدان كولي للعهد سياسي أكثر. فهو محبوب جداً من المواطنين والقبائل، وفي نفس الوقت قادر أيضاً على التواصل وجذب مجتمع الوافدين الكبير في دبي".

ساعد الشيخ مكتوم في الدفع ببيع حصص في المرفق الرئيسي، هيئة كهرباء ومياه دبي، إلى جانب شركة إدارة مجمعات الأعمال Tecom Group، فجمع إجمالاً أكثر من 6 مليارات دولار.

التقرير أوضح أن مكتوم ركز أيضاً على حوكمة الشركات. فبصفته رئيساً لهيئة الرقابة المالية في دبي، فإنَّه يراقب بشكل متشدد الأوضاع المالية للكيانات التي تسيطر عليها حكومة دبي، والتي كان بعضها سبباً لمشكلات دبي المالية قبل أكثر من 10 سنوات.

ونقلت الوكالة الأميركية، عن مصرفيّ قوله إنَّه يُعرَف عن الشيخ مكتوم، الذي يتولى أيضاً منصبيّ نائب رئيس الوزراء ونائب حاكم دبي، طلبه الحصول على تحديثات بشأن مشروعات معينة أحياناً في أوقات متأخرة من الليل أو في العطلات الأسبوعية.

فيما قال طارق فضل الله، رئيس شركة نومورا لإدارة الأصول في الشرق الأوسط: "هناك تغيُّر إيجابي في سوق الأسهم الإماراتية منذ تولى الشيخ مكتوم المسؤولية".

ويتمثَّل هدف الشيخ مكتوم في ضمان عدم تكرار الانهيار المالي الذي شهدته دبي عام 2009، حين طلبت الحصول على حزمة إنقاذ مالي من أبوظبي بقيمة 20 مليار دولار.

وتواجه دبي الآن عقبات جديدة، مثل إضافة الإمارات إلى "القائمة الرمادية" لمجموعة العمل المالي، والتمحيص الدولي في كيفية تعامل دبي مع الأموال غير المشروعة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، وانفتاح السعودية تحت حكم الحاكم الفعلي المنتمي لجيل الألفية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على جذب المواهب الأجنبية التي كان ينتهي بها المطاف عادةً في دبي.

وتتوقف كيفية انتقال دبي إلى الفصل التالي على العلاقة بين الشقيقين، إذ سيخلف حمدان في النهاية أباه ليكون واجهة للمدينة، في حين يعزز الشيخ مكتوم دوره باعتباره رجل الأرقام.

بحث

الأكثر قراءة