انتخابات الرئاسة اللبنانية: البرلمان أمام سيناريو الجلسة الأولى

انتخابات ٢٠٢٢ | | Thursday, October 13, 2022 10:47:08 AM


ريتا الجمّال - العربي الجديد

تختلف الترجيحات، اليوم الخميس، بين انعقاد جلسة البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس جديد للبلاد أو "تطييرها"، بفعل عدم تأمين النصاب النيابي القانوني، بيد أنّ الثابت في المواقف والتحليلات السياسية أنّ مشهد 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، سيتكرّر، لناحية تأجيل الاستحقاق مرّة ثانية. ويأتي ذلك في ظلّ عدم التوافق على شخصية رئاسية تتولى خلافة الرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وفشل مجلس النواب اللبناني بانتخاب رئيس للجمهورية بعد عدم تمكّن أي مرشح من تأمين غالبية الثلثين من أصوات النواب (ما يعادل 86 نائباً من أصل 128)، في الدورة الأولى التي شارك فيها 122 نائباً، فيما ختم رئيس البرلمان نبيه بري الجلسة بعد إسقاط كتلته النيابية وحلفائه نصاب الدورة الثانية بمغادرتهم القاعة.


وترجّح الأوساط السياسية أنه إذا تأمّن النصاب، وهو السيناريو الأكثر تقدماً، ستنحصر المنافسة أيضاً بين الأوراق البيضاء التي يصوّت بها بالدرجة الأولى "حزب الله" وحلفاؤه، لكن بعددٍ أقل، نظراً إلى مقاطعة تكتل "لبنان القوي" برئاسة النائب جبران باسيل، ومرشح أحزاب المعارضة التقليدية، النائب ميشال معوض (نجل الرئيس الأسبق رينيه معوض الذي اغتيل في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1989)، الذي تصوّت له "القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع، "التقدمي الاشتراكي" برئاسة وليد جنبلاط، و"الكتائب اللبنانية" برئاسة النائب سامي الجميّل، فضلاً عن ورقة "لبنان" التي يصوّت بها نواب مستقلون والذين ليس لديهم مرشح جدي بعد، بالإضافة إلى التصويت لبعض الأسماء الأخرى التي تنزل في الصندوق لتوجيه رسائل سياسية معينة.

ولم تحسم كتلة "التغييريين" موقفها لناحية حضور جلسة اليوم، إلا أنّ أوساطها أكدت أنّ نوابها لا يعتبرون الجلسة جدية، والأهم بالنسبة إليهم وحدتهم.

وحازت الورقة البيضاء في الجلسة الأولى 63 صوتاً، ومعوض 36 صوتاً، بينما صوّت "التغييريون" للمرشح سليم إده (رجل أعمال ونجل الوزير الراحل ميشال إده)، الذي حاز 11 صوتاً. وصوّت 10 نواب لـ"لبنان"، بينما صوّت أحد النواب بورقة كتب عليها "نهج رشيد كرامي"، فيما وضع أحد البرلمانيين في الصندوق اسم الشابة الإيرانية مهسا أميني، التي فجّرت وفاتها احتجاجات في إيران، وذلك في رسالة إلى "حزب الله"، ومن خلفه النظام الإيراني.


ومن بين الأسماء التي أعلنت رسمياً ترشحها لرئاسة الجمهورية، ترايسي شمعون، حفيدة الرئيس الأسبق كميل شمعون، وهي مناهضة لـ"حزب الله"، ورجل الأعمال زياد حايك، والكاتبة المدافعة عن حقوق المرأة مي الريحاني، ورجل الأعمال سايد بطرس ورئيس حزب "الإنقاذ البيئي" بشارة أبي يونس، كذلك انضم حديثاً إلى القائمة الباحث الاقتصادي المعارض للمنظومة السياسية إيلي يشوعي.

بدورها لم تحسم كتلة "التغييريين" موقفها، لكن أوساطها أكدت أنّ نوابها لا يعتبرون جلسة اليوم جدية، والأهم بالنسبة إليهم هو وحدتهم.

وأعلن تكتل "لبنان القوي" (برئاسة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل)، مقاطعة جلسة اليوم اعتراضاً على الموعد الذي اختاره لها بري، ويصادف ذكرى أحداث 13 أكتوبر/ تشرين الأول 1990، ما اعتبره "دليل عدم جدية واستهتاراً بالشهداء". ورفض بري تعديل التاريخ، مكتفياً بتصريح إعلامي قال فيه: "هل 13 تشرين الأول عيد رسمي؟ ليس على حدّ علمي". يشار إلى أن تكتل باسيل أطلق ورقة الأولويات الرئاسية رغم تأكيد الأخير عدم ترشحه، وجال فيها على المرجعيات السياسية والدينية في الأيام الماضية.

ولتاريخ 13 تشرين الأول 1990 رمزية خاصة عند "التيار الوطني الحر" بالدرجة الأولى، يوم هجم جيش النظام السوري على قصر بعبدا وسقط عشرات العسكريين والمدنيين، فانتقل عون وعدد من مساعديه إلى السفارة الفرنسية طالباً اللجوء السياسي. كذلك طلب من الجيش أخذ الأوامر من الرئيس الأسبق إميل لحود، وغادر عون منفيّاً إلى باريس قبل عودته عام 2005، وسط انقسامات في لبنان حول مقاربة هذه الأحداث، مع اتهامات وُجّهت إلى عون بأنه هرب تاركاً وراءه الجيش اللبناني.

وفي حديث لـ"العربي الجديد" توقع عضو تكتل "الجمهورية القوية" (يمثل القوات اللبنانية برلمانياً) النائب رازي الحاج، أن يكتمل نصاب الدورة الأولى، في ظل حضور غالبية الكتل النيابية "على أن نشهد السيناريو نفسه بطبيعة الحال في الدورة الثانية، بحيث ستعمد الأطراف ذاتها إلى إفقاد النصاب ليصار إلى تطيير الجلسة".

وأكد أنّ "مرشح القوات لا يزال ميشال معوض، الذي يمتلك الموقف السياسي الواضح من مختلف الأمور والقادر على أن يحكم لصالح البلد لا أن يكون محكوماً عليه بتوازنات سياسية"، على حد تعبيره.

الحاج رجح أن يكتمل نصاب الدورة الأولى، في ظل حضور غالبية الكتل النيابية على أن نشهد السيناريو نفسه بطبيعة الحال في الدورة الثانية، بحيث ستعمد الأطراف ذاتها إلى إفقاد النصاب ليصار إلى تطيير الجلسة

وأشار الحاج إلى أنّ "أصوات معوض قد تتحسّن عن الجلسة الأولى بشكل طفيف في ظل الاتصالات التي حصلت منذ ذاك التاريخ، ولكن هناك أطراف كثيرة لن تغيّر موقفها الآن باعتبار أنها تتوقع السيناريو سلفاً، وتريد أن تحافظ على بعض تميّزها، وقد تلجأ في المرات القادمة إلى اعتماد طريقة أخرى في التصويت".

وأعرب عن أمله بالوصول إلى "مرحلة يكون فيها الاستحقاق الرئاسي لبنانياً صرفاً، حيث تمارس الكتل اللعبة الديمقراطية من دون أن تتكل على كلمة سرّ تحدد مسارها".

من جانبه، رجّح النائب في "كتلة التنمية والتحرير" (يرأسها بري) محمد خواجة، في حديث مع "العربي الجديد"، ألا يختلف المشهد عن الجلسة السابقة، "سواء تأمّن أو لم يتأمن إن تضامنت كتل سياسية مع التيار (الوطني الحر)". وقال إنّ "كتلة بري ستشارك في الجلسة. ففي الحالة الأولى ستنعقد الدورة ولن يحصل أي مرشح على غالبية الثلثين، ومن ثم يسقط النصاب في الدورة الثانية، ونذهب باتجاه تأجيل جديد، يحدد بعده الرئيس بري موعداً ثالثاً".

وأضاف خواجة: "لو دعا بري إلى عشرين جلسة، لن ينتخب رئيس إن لم يحصل توافق ما على شخصية رئاسية، فلا غالبية في البرلمان قادرة على إيصال مرشحها، ولا يمكن فريقاً وحده أن يوصل مرشحه، ما يضعنا حتماً أمام تسوية، التي ظروفها حتى الساعة ليست متوافرة".

وأشار خواجة إلى أنّ "البلد مقسوم سياسياً ولن يسلِّم أحد، معوض في النهاية من صقور أحد الفرق السياسية، ولن ينتخب من فريق ثانٍ، حتى التغييريون لم يدعموا ترشيحه، من هنا ضرورة التسوية"، مضيفاً: "نتمنى أن ينتخب الرئيس قبل 31 أكتوبر/ تشرين الأول، فالفراغ الرئاسي الطويل يجب أن لا يكون ظاهرة طبيعية، لكن حتى الساعة لا شيء يشي بأننا ذاهبون باتجاه انتخاب رئيس، علماً أنّ المتغيرات عندما تحصل، تتم فجأة وتقلب كل المعادلات".

وفيما اعتبر خواجة أنّ حظوظ قائد الجيش العماد جوزاف عون "طبعاً تصبح أقوى مع مرور الوقت، وسقوط المهل، بحيث إنه بعد 31 أكتوبر/ تشرين الأول يمكنه الترشح عندها"، أشار في المقابل، إلى أنّ "كتلة التنمية والتحرير" رغم أنّ رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، "صديق وحليف لها، إلا أنه لا مرشح معلناً لديها حتى الآن، وعندما يحصل ذلك ستعلن عنه".

خواجة: لا غالبية في البرلمان قادرة على إيصال مرشحها، ولا يمكن فريقاً وحده أن يوصل مرشحه، ما يضعنا حتماً أمام تسوية، التي ظروفها حتى الساعة ليست متوافرة

من جانبه، قال عضو كتلة "الاعتدال الوطني" النائب سجيع عطية، لـ"العربي الجديد": "حسب معلوماتنا، النصاب سيتأمّن، لكن السيناريو نفسه سيتكرر لناحية الأصوات للورقة البيضاء، وميشال معوض، وغيرهما من الأسماء، ونحن كتكتل مؤلف من 12 نائباً، سنصوّت لـ"لبنان"، وذلك من باب التريث، إلى أن نرى طرح ومشروع وبرنامج المرشحين". ويعتبر عطية أنّ سليمان فرنجية "شخصية ممتازة"، ولا يمانع التصويت له في حال التوافق عليه.


وأشار عطية إلى أنّ "الاتفاق على شخص واحد لم ينضج بعد بين الجميع، وهناك مشاورات بين الكتل، وقد تتضح المعالم أكثر مع الوقت وتتوحّد الآراء، لكن المشكلة في أنّ الاستحقاق في لبنان تبعاً للقانون اللبناني يحتاج إلى غالبية الثلثين، وهذا النصاب يكرس التوافق لا الانتخاب الديمقراطي".

بحث

الأكثر قراءة