نيرمين ظاظا - التحري

لنتائج الحرب الروسية-الأوكرانية، بشقّها الدافع لهجرة أبنائها، تركة مُلفتة في الإمارات العربية المتحدة، وبخاصة دبي، وأثراً على مستوى انتعاش العقارات الفاخرة حيث ارتفع الطلب عليها مع زيادة تدفق أثرياء أوروبا وروسيا كوجهة استقطاب. وها هو المسلسل "الاستثنائي" نفسه يتكرر في موضوع شديد الأهمية بل والإيجابية، مع قدوم أثرياء صينيين كزبائن جُدد على خلفية التوترات الجيوسياسية المرتبطة بتايوان، والإغلاقات الخاصة بـ"كورونا". الأمر الذي من المتوقع أن يُشكل مكسبا لمالكي الوحدات العقارية وعبئا على المستأجرين الوافدين.

"مصائب قوم عند قوم فوائد"... وفيما أعلنت وزارة الدفاع التايوانية، اليوم الإثنين، أن الجيش الصيني أرسل 71 طائرة وسبع سفن باتجاه تايوان على مدار 24 ساعة، وذلك في أكبر توغل صيني يعلن عنه حتى الآن. تبدو "دبي" الوجهة الأفضل والأكثر إشراقاً لمن يستطيع إليه سبيلا من الطرفين الصيني والتايواني على حد سواء.

تتوضح الصورة بأدلة وشواهد قاطعة، إذ أفاد حسين سجواني رئيس مجموعة "داماك" العقارية، إن إمارة دبي دائماً ما تستقطب أموالاً من الخارج، ويعود ذلك إلى عدة مزايا منها انخفاض معدل الضرائب، وتوافر اليد العاملة، والتشريعات المساعدة، والبنية التحتية الممتازة، بالإضافة لسهولة الدخول والخروج، ما يجذب المستثمرين إليها. مشيراً، إلى أنه قد نتج عن ذلك ارتفاع أسعار المواد الأولية في قطاع العقارات كالأسمنت والحديد، متوقعاً ارتفاع أسعار تكلفة البناء في دبي بنسبة تتراوح بين 25 و30%.

هذه الانتعاشة في إيجارات الشقق والفيلات التي سبقت الأحداث المؤسفة في أوروبا وتوقعات استمرار الطلب من جهة الصين، تحدث عنها أيضاً، موضحاً "أن الأزمات الحالية في أوروبا نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، والإغلاقات والتوترات الحالية في الصين انعكست على الطلب، وستنعكس بشكل أكبر العام المقبل. وذكر أن دبي شهدت إقبالاً من جميع دول العالم، وطلب كثيف بعد جائحة كورونا موضحاً أنه قابل الكثير من التجار في دافوس وهم يفضلون الاستثمار في دبي بدلاً من أوروبا.

في التفاصيل، توقع قيام فئات كبيرة من الصينيين بإخراج أموالها إلى الخارج بعد الأزمات الأخيرة، مشيراً إلى أن تلك الأموال كانت تذهب إلى السوق الأميركية، لكن ذلك قد لا يحدث في ظل الوضع السياسي الحالي، والتوترات في تايوان والإغلاقات، ما يجعل دبي منفذاً أمام الصينيين.

في المقابل، جاء في تقرير لوكالة "نايت فرانك"، البريطانية المتخصصة في العقارات الفاخرة، على موقعها في تشرين الأول الماضي، أن أسعار المساكن الفاخرة في دبي ارتفعت بنسبة 89% خلال الـ12 شهراً الماضية، كما ارتفعت بنسبة 29% في الربع الثالث من العام الجاري. إذ يعتبر القطاع العقاري من القطاعات المهمة في الإمارات العربية المتحدة التي تمنح عوائد جيدة للمستثمرين في السوق سواء الأوروبيين أم الصينيين (والوافدين عموماُ)، وتستحوذ على حصة ‏كبيرة من النشاط الاقتصادي في كافة الإمارات، وأهمها دبي وأبو ظبي، حيث يسعى المستثمرون في هذا القطاع الحيوي إلى تحقيق الأرباح ‏والعوائد الدائمة من دون مخاطر، وهنك توقعات بزيادة وتيرة الصفقات العقارية مستقبلا.

ختاماً، لا بد من الاعتراف أن استقرار الإمارات العربية المتحدة، هو السبب الرئيسي وراء كل استقطاب لأثرياء بلدان "الأقطاب المتصارعة"، وهو ما يشير إلى أنها الوجهة الأكثر أماناً وجذباً رغم ارتفاع الأسعار!