لبنان يودع باسكال سليمان.. الراعي: لمصلحة من هذه الفوضى وقرار الحرب والسلم من خارج قرار الدولة

التحري | | Friday, April 12, 2024 4:32:28 PM


ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي صلاة الجنازة لراحة نفس الشهيد باسكال سليمان في كنيسة مار جرجس في جبيل، بمشاركة استثنائية نوعية للإكليروس، فقد شارك بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي ممثلا بالمطران ادوار ضاهر، متروبوليت جبل لبنان للروم الاورثوذوكس المطران سلوان موسي، وعاونهم أمين سر البطريرك الأب هادي ضو، المطران شارل مراد، المونسنيور حبيب مراد، وشارك المطارنة: ميشال عون، يوسف سويف، وأنطوان نبيل عنداري، منير خيرالله، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي هادي محفوظ، المدبر العام الأب ميشال ابو طقة، المدبر العام الأب طوني فخري، واكثر من 70 من الكهنة والآباء من الرعايا والاديرة في لبنان.
وحضر القداس الرئيس ميشال سليمان، العلّامة السيد علي الأمين، رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ممثلا بالنائب ستريدا جعجع، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ممثلا بنائبه النائب سليم الصايغ، رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب كميل دوري شمعون، "الحزب التقدمي الاشتراكي" وكتلة اللقاء الديمقراطي ممثلان بالنائبين مروان حمادة وراجي السعد، كتلة الاعتدال الوطني ممثلة بالنائب احمد الخير، "التيار الوطني الحر" ممثلا بـنائب الرئيس للشؤون الخارجية ناجي حايك، "الكتلة الوطنية" ممثلة بـكميل موراني، النواب: جورج عدوان، غسان حاصباني، أشرف ريفي، سيمون ابي رميا، بيار بو عاصي، نديم الجميل، نعمة افرام، زياد الحواط، جورج عقيص، فادي كرم، شوقي الدكاش، الياس حنكش، فراس حمدان، نجاة صليبا، ابراهيم منيمنة، ملحم خلف، ميشال الدويهي، مارك ضو، أديب عبدالمسيح، ملحم الرياشي، غيّاث يزبك، ايلي خوري، الياس اسطفان، رازي الحاج، نزيه متى، غادة ايوب، جهاد بقرادوني وسعيد الاسمر، الوزراء السابقون الآن حكيم، كميل ابو سليمان، ريشار قيومجيان، جو سركيس، النواب السابقون: هادي حبيش، فارس سعيد، اميل نوفل، نادر سكر، انطوان زهرا، عماد واكيم، وهبي قاطيشا، ادي ابي اللمع، جوزيف اسحاق، ايلي كيروز، فادي سعد، انطوان بو خاطر، جوزيف المعلوف.
كما حضر المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلا بالعميد جان عواد، رئيس المؤسسة المارونية للانتشار شارل الحاج، قائمقام جبيل بالانابة نتالي مرعي الخوري، مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان المهندس جان جبران ، رئيس المجلس العام الماروني ميشال متى، رئيس المجلس الرعوي في الكويت جوزف اسطفان، أمين الداخلية في حزب الوطنيين الأحرار كميل جوزيف شمعون على رأس وفد، الأمين العام لحزب "القوات" اميل مكرزل، رئيس اتحاد بلديات جبيل فادي مارتينوس على رأس وفد من رؤساء بلديات القضاء، شخصيات سياسية وامنية واجتماعية واقتصادية واعلامية، فضلا عن حشد من الاهالي والمحبين والمحازبين والمناصرين من مختلف المناطق اللبنانية.

وكان قد وصل موكب جثمان سليمان الى الكنيسة محمولا على أكتاف نواب تكتل "الجمهورية القوية" وكشافة الحرية ورفاقه في "القوات"، وملفوفا بالعلمين اللبناني والقواتي، وسط نثر الأرز والورود كعريس تستقبله السماء وعلى وقع اصوات المفرقعات والتصفيق. وتوالى منسقو القوات اللبنانية على الوقوف قرب التابوت في الكنيسة.

بعد الانجيل المقدس تلا غبطة البطريرك عظة حملت عنوان "ها أنا معكم كلّ الأيّام إلى نهاية العالم" .(متى 28: 20) وقال "بهذه الكلمة الأخيرة التي ختم بها ربّنا يسوع الأربعين يومًا من ظهوراته لتلاميذه قبيل صعوده إلى السماء، أكّد لهم ولكلّ مؤمن ومؤمنة مواصلة رسالته ذات البعدين: أنا معكم كلّ الأيّام فاديًا لخطاياكم بموتي، ومانحًا إيّاكم الحياة الأبديّة بقيامتي. بموته تكفيرًا عن خطايا البشريّة جمعاء كشف وجه العدالة الإلهيّة التي "جعلته خطيئة من أجلنا، هو الذي لم يعرف خطيئة" (2 كور 5: 21). وبقيامته المنتصرة على الخطيئة والموت كشف وجه الرحمة الإلهيّة التي هي أقوى من كلّ خطيئة وشرّ. الرحمة الغافرة والعدالة لا تنفصلان. ولكن لا غفران من دون عدالة.
تابع" من هذا المعين اللاهوتي، استمدّت كلمتها الأولى زوجةُ الشهيد باسكال سليمان، المهندسة ميشلين يوسف وهبة، فيما الألم يعتصر قلبها وقلب كلٍّ من ابنتها وابنيها، إذ قالت: "مسيحنا قام من الموت، وتغلّب عليه. نحن أبناء الرجاء والحياة. نحن أبناء اللاخوف. منشان هيك ما منخاف، وما راح نخاف حتى من الموت".
وأردف "لم تتلفّظ بما نسمع اليوم صباحًا ومساءً، في الحرب والنزاعات والإعتداءات، بكلمة "ثأر" أو "قتل" أو "إتّهام". بل غفرت بصمت وفقًا لثقافتها الإيمانيّة، تاركة قرار العدالة إلى القضاء، يقينًا منها أنّ "العدالة أساس الملك". عندما مسّت جمرة الوجع الكبير كيان هذه الزوجة والأمّ، فاح أريج إيمانها. فرفعت فكرها وعقلها وقلبها إلى السماء، حيث حبيب قلبها ورفيق دربها وأبو أولادها يشارك في مجد القيامة. ومن خلال ما أنزل به المجرمون الخاطفون القتلة من شرّ، رأت إستكمالًا لما تحمّل ربّنا يسوع فادي الإنسان ومخلّص العالم من تعذيب وآلام وصلب وهزؤٍ، ليفتدي خطايا كلّ إنسان بآلامه وموته مصلوبًا، وليخلّص بمحبّته العالم الرازح تحت الشرور بقوّة قيامته. لقد كثر الشرّ على أرض لبنان، فالحاجة ماسّة إلى فداء." لقد بدّلت بكلمتها المنطق السائد، والمتأجّج وهو منطق الإنتقام والثأر والتحريض والإشاعات وبثّ المعلومات الكاذبة وخلق أجواء محمومة واتهامات، وبها دعت إلى تهدئة هذه الأجواء، وإلى الثقة بالأجهزة العسكريّة والأمنيّة وبخاصّة الجيش الذي تمكّن بمخابراته من كشف ملابسات الخطف والإغتيال، وإلى الثقة بالقضاء مع عدم تسييسه. فكلّهم يتولّون التحقيق من دون ضجيج وتصريحات استباقيّة، والمهمّ معرفة أهداف الجريمة ومن وراءها. فالحقيقة ستظهر لا محالة، كما يؤكّد الربّ يسوع: "لا خفيّ إلّا سيظهر، ولا مكتوم إلّا سيُعلم ويُعلن" (لو 12: 2). ولكنّ المؤسف أن يكون مقترفو هذه الجريمة من النازحين السوريّين الذين استقبلهم لبنان بكلّ روحٍ إنسانيّة، ولكنّ بعضهم يتصرّفون بشكلٍ غير إنسانيّ، ويرتكبون الجرائم المتنوّعة بحقّ اللبنانيّين وعلى أرض لبنان. وباتوا يشكّلون خطرًا على اللبنانيّين في عقر دارهم. فأصبح من الـمُلحّ إيجاد حلّ نهائيّ لضبط وجودهم مع الجهات الدوليّة والمحلّيّة المعنيّة، بعيدًا من الصدامات والتعديات التّي لا تُحمد عقباها. ومن واجب السلطات اللبنانيّة المعنيّة معالجة هذه المسألة الجسيمة الخطورة بالطرق القانونيّة والإجرائيّة. فلبنان الرازح تحت أزماته الإقتصاديّة والماليّة، ونزيف أبنائه بهجرتهم، لا يتحمّل إضافة أعباء نصف سكّانه. وهذا ما تعجز عنه كبريات الدول."
أضاف"ومن ناحية أخرى يُجمع المعلّقون على هذا الخطف والإغتيال، في منطقة الشهيد باسكال الآمنة أنّ السبب الأساسيّ الذي يستسهل الإجرام المغطّى سياسيًّا من النافذين، والهارب من وجه العدالة أو المتمرّد عليها وعلى القضاء، هو عدم انتخاب رئيس للدولة. وبالتالي حالة الفوضى في المؤسّسات الدستوريّة والوزارات والإدارات العامّة وانتشار السلاح بين أيدي المواطنين والغرباء العائشين على أرض لبنان. فلمصلحة من هذه الفوضى في الحكم والإدارة والقضاء والسلاح وقرار الحرب والسلم من خارج قرار الدولة؟
وأكد البطريرك أن " الثقافة الإيمانيّة التي أظهرتها زوجة الشهيد تربّت عليها في بيتها الوالدي الذي نعرفه معرفة شخصيّة، فمذ كنّا في خدمة أبرشيّة جبيل العزيزة، تعرّفنا عن قرب إلى والدها السيّد يوسف أديب وهبه الذي تولّى رئاسة بلديّة ميفوق العزيزة، وكان دائمًا في استقبالنا كلّما زرنا الرعيّة أو مررنا بها في طريقنا إلى سيّدة إيليج. كما تعرّفنا إلى المرحومة والدتها نسب الحاج بطرس، وقد ربيّاها مع شقيقاتها الأربع على القيم الروحيّة والأخلاقيّة والإجتماعيّة. هذه الخصال نمت في حياتها الزوجيّة مع عزيزها الشهيد باسكال، وهو إبن بيت كريم من ميفوق العزيزة. والده المرحوم رشوان سليمان، ووالدته الثكلى السيّدة هند أسد سليمان التي يعتصر قلبها وجع الأمّ. على يدهما تربّى باسكال مع شقيقيه على الإيمان المسيحيّ والأخلاق الإنسانيّة والروح الوطنيّة. أحبّ لبنان وشعبه، وقد عاش في منطقة تاريخيّة عريقة مدنيًّا وكنسيًّا ما بين عمشيت وجبيل وبلدته ميفوق وسيّدة إيليج. ما عزّز في قلبه محبّة الوطن والمحافظة عليه ورفع إسمه عاليًا. بهذه الإستعدادات تلقّى دروسه في مدرستي راهبات القلبين الأقدسين وراهبات الورديّة في مدينة جبيل. ثمّ حاز على شهادة المعلوماتيّة من الجامعة اللبنانيّة. ومن بعدها تابع دراساته العليا في جامعة السربون بباريس ونال شهادة الماستير في علم الإدارة.
تابع: "بعد عودته إلى لبنان ارتبط في سرّ الزواج المقدّس مع الدكتورة ميشلين عام 2004. عاش الزوجان حياة زوجيّة سعيدة، باركها الله بثمرة الإبنة والإبنين، فسهرا على تربيتهم أحسن تربية، وعلى تأمين جوّ من الفرح والسعادة لينموا فيه. فقام بواجبه بعرق الجبين من خلال وظيفته في بنك بيبلوس طوال ثلاثين سنة. لكنّ إغتيال الزوج والوالد كسر عامود البيت. ولا شكّ في أنّكِ يا زوجته المؤمنة ستتحمّلين المسؤوليّة كاملة بالإتكّال على العناية الإلهيّة، وباسكال من السماء يعضدك وأولادك في شركة القدّيسين."
واعتبر أنه بغياب بسكال " يخسر حزب القوّات اللبنانيّة عنصرًا أساسيًّا من عناصره، وهو حاليًّا منسّق منطقة جبيل. دخل صفوف القوّات والتزم بها وبمبادئها وبموجباتها تعزيزًا للدولة والوطن وخدمةً للبنانيّين. لم يغب عن ضميره صوت دماء ألوف الشهداء الذين ضحّوا بحياتهم ليحيا لبنان، ويحيا اللبنانيّون مخلصين لهذا الوطن الذي لم يُفتدَ بالبخيس من المال، بل بالدماء الزكيّة وقد أراقوها على أرضه ومن أجله دون سواه، حفاظًا على كرامة الوطن وشرف المواطنين. وفي كلّ مرّة كان يمرّ بسيّدة إيليج كانت ذكراهم تتجدّد في قلبه. بهذه المسؤوليّة التزم وخدم وضحّى وأعطى. وها الجماهير المعزّية التي تقاطرت إلى عمشيت وجبيل وبيروت وميفوق دونما انقطاع لدليل قاطع على إستنكار الجريمة النكراء من جهة، وعلى سقوط باسكال عن كلّ واحد وواحدة منّا من جهة أخرى. إنّه بسقوطه يقويّنا لنصمد في الإيمان بأنّنا أبناء القيامة والرجاء واللاخوف، وبأنّ المسيح هو سيّد العالم والتاريخ وله الكلمة الأخيرة: كلمة الحياة لا القتل! كلمة المحبّة لا الحقد! كلمة السلام لا الحرب! كلمة الحقّ لا الباطل، كلمة الأخوّة لا العداوة."
وختم" باسمكم جميعًا أيّها المشاركون أتقدّم بالتعازي الحارّة من زوجة الشهيد باسكال وابنته وابنيه ووالدته وشقيقيه، وعمّه وعمّاته، وخاليه وخالتيه وحميّه وبنات حميّه. ومن رئيس حزب القوّات اللبنانيّة ومنسقيّة منطقة جبيل وجميع المحازبين في القوّات اللبنانيّة. رحمه الله بغنى رحمته، وأشركه في مجد القيامة. المسيح قام! "

وبعد الإنتهاء من مراسم الجنازة، نقل جثمان الشهيد سليمان إلى مسقط رأسه "ميفوق" حيث ووري الثرى في مدافن العائلة في سيدة ايليج، ورافقه الاهالي والرفاق والمناصرون، بعد ان كان توقف الموكب في محطاتٍ عدّة، بدءاً من "ساحة عمشيت" مرورا بنقطة تجمع عند مفرق دكان الضهر، أما المحطة الثالثة فكانت بلدة "عبيدات" والرابعة عند "حاقل" مرورًا بالخاربة ومفرق لحفد - جاج وصولاً إلى "ميفوق". وسلّم جهاز الشهداء في حزب "القوات" أهل الشهيد علم الحزب ووسام الشهيد".

وألقى النائب زياد الحواط كلمة قال فيها: "لبنان اليوم حزين وجبيل ايضا، كانت تتحضر لاستقبال الربيع ولكن سبقها شيطان الموت والاغتيال والإجرام ليعكر حب الحياة ويوتر الأجواء فيلُفَ المنطقة وأهلها بالسواد واختار أفضل شبابها واقربهم للناس، والظاهر ان هذا الشيطان اللعين لا يعرف حقيقة بلاد جبيل وأولادها الذين تضامنوا جميعاً في وجهه، وهو لا يعرف "القوات اللبنانية" التي "عرفت قبلو شياطين كتار" ولم تقوَ عليها ابواب الجحيم في الماضي ولن تقوى اليوم".
وشدّد على أن"من ارتكب جريمة قتل الحبيب باسكال كان يريده أن يموت ويدفن اليوم. ولكن بإسم كل الحاضرين أقول: باسكال حيٌّ لا يموت، باسكال حيٌّ فينا"، مضيفا: "من ارتكب هذه الجريمة كان يسعى من خلال هذه الخطوة إلى الفتنة وموت لبنان. من هنا، أؤكد أن لا مكان للفتنة لا في جبيل ولا في كسروان ولا في أي منطقة لبنانية، ولن نسمح "يصير يللي ما صار بالحرب رغم كل قساوتها، يصير بعد الحرب"".
وأكد حواط أن "النموذج الجبيلي الكسرواني الذي يرتكز على العيش المشترك والتواصل والتفاعل الإيجابي نموذج لكل لبنان، ونحن نحميه بـ"رموش العين " رغم كل الطارئين والمحرضين، فالاختلاف بالرأي أمر والعيش بسلام واستقرار مع بعضنا البعض أمر آخر."
اضاف: "المشكلة الحقيقية واضحة وهي بين مشروعين: الاول يريد الحفاظ على لبنان والآخر "بدو يطيّر لبنان اذا ما طيروا بعد". مشكلتنا مع هذا المشروع بالمغامرات التي لا حدود لها، فقد تدخل بالحروب العبثية واتى بالويلات للبنان، وهو عند كل استحقاق يعطل انتخاب رئيس للجمهورية ويضرب الدستور وساهم في تفكيك الدولة وانحلالها ودمر القضاء وشرع الحدود لتهريب الحجر والبشر. هذا المشروع الذي يعمل على حرف الانظار عن تداعيات حرب الجنوب والمشاكل والمآسي، بالمختصر مشروع صنع خارج لبنان".
وأثنى الحواط على مزايا الشهيد، قائلا: "خسرت باسكال عائلته الصغيرة، هذه العائلة المسيحية المسالمة التي تعيش في إيمان ورجاء وتمثّل العائلة اللبنانية المقاومة والمناضلة في هذا الزمن الصعب، هي عائلة لا تستسلم لا بل تنشر الأمل رغم كل شي ومنها نتعلّم، تمنحنا القوة والأمل بأن لبنان لا يموت. كما خسرت باسكال أيضًا عائلته الأكبر: القوات اللبنانية، خسرت العقل الراجح، وخادم القضيّة الذي لا يتعب ولا ينعس ككل رفاقه حراس القضية اللبنانية، خسرت المسؤول المنفتح على الكل، الآدمي العصامي الذي يتابع الكبيرة والصغيرة، ولكن عمل باسكال في منسقية جبيل مستمراً من خلال رفاقه والركائز التي وضعها."
واذ طالب بوجوب "إجراء تحقيق جديّ، شفاف وواضح في هذه الجريمة وليس تحقيقاً في سبيل إخفاء الحقيقة "حتى ما يموت باسكال مرتين "، لفت الحواط إلى "أن الخوف نابع من تجارب الماضي، لا نريد أن يُصدِر الناس القرار الاتهامي بل القضاء اللبناني، نرفض أن يكون القاتل معلوماً ومكشوفاً والفاعل عند القضاء يبقى مجهولاً، نريد أن نعرف من خطّط، ومن شغّل، ومن استفاد، ولماذا وكيف!؟ نريد أن نعرف كيف تسرح وتمرح سيارة فيها قتيل ين ميفوق والداخل السوري والدولة آخر من يعلم، رغم اننا ابلغنا القوى الامنية منذ اللحظة الاولى عن وقوع الحادثة".
وشدد على انه "في انتظار نتيجة التحقيق تعتبر هذه الجريمة سياسية بامتياز حتى إثبات العكس، وما حصل هو نتيجة الفوضى والفلتان وتغييب الدولة ورعاية الدويلة للعصابات والسرقات والتعديات والخطف وتهريب المخدرات والسلاح، نتيجة خلق ملاذ آمن لكل شذّاذ الآفاق والمجرمين والعصابات والأشرار وقطّاع الطرق، ما حصل هو نتيجة السلاح المتفلّت غير الشرعي تحت حجج ومسمّيات عدة، نتيجة الحدود "الفلتانة" والتي يريدونها أن تبقى سائبة كي يستطيعوا أن يسرحوا ويمرحوا من دون محاسبة أو عقاب."
أردف: "عبثاً التفتيش عن معالجات موضوعية إذا لم نعالج لبّ المشكلة، سلاح الدويلة وكل تداعياته. موضوع النازحين اساسي ومهم ويجب معالجته ومقاربته بشكل حازم ونهائي، فالنازحون حتما يجب ان يعودوا الى بلادهم، فمن المرفوض ان يبقى بعض منهم "بيعمل شو ما كان، بيتنقل وين ما كان وبيسرق وبيقتلوا مين ما بدوا"، ويكون أحيانا "قاتل غب الطلب". أزمة النزوح كبيرة وخطيرة فقد بتنا رهائن في بلدنا والأسوأ سنصبح غرباء أيضًا، خبزنا لم يعد يكفي لشعبين، ولا اقتصادنا ولا البنى التحتيّة في لبنان "بيحمل شعبين"، أمننا وأماننا في خطر، وأي منطق أو عقل بشري يقبل أن يصبح اللبنانيون مشروع نزوح "وغيرنا يأخذ محلّنا" وبالتالي مهما كانت الظروف الإنسانية أرضنا وديمغرافيتنا لا قدرة لديها بتحمّل شعبين من جديد.
تابع في السياق: "بعد 13 سنة، قمنا بأكثر من واجبنا الإنساني كشعب لبناني لكن بعد 13 سنة، الدولة اللبنانية لم تقم بواجبها والمجتمع الدولي رمى كل العبء علينا. وبعد 13 سنة، أصبح بإمكان النازحين السوريين العودة إلى بعض المناطق السورية، ومن واجب المجتمع الدولي أن يمنحهم المساعدات ذاتها التي يقدمها اليوم للبقاء في لبنان، ومن واجبه أيضًا كما لديه القدرة بإعادة توزيعهم على بلدان العالم حيث جغرافيتها واقتصادها والبنى التحية قادرة على استيعابهم أكثر بكثير من لبنان."
وأكد "أهمية الدور الأساسي للبلديات "يللي حلّا "، باستثناء البعض منها المضطلع بواجبه، أن تستمع إلى صرخات المواطنين والهيئات المحلية والحزبية المتكررة من اشهر واشهر، وتتخذ التدابير الفورية من أجل إعادة ترتيب وضعنا الداخلي قبل فوات الأوان"، لافتا الى ان
"هذه المعالجة لا تقتصر على البلديات طبعاً، بل يجب أن تنطلق منّا وصولاً إلى أعلى الهرم حتى يعود المواطنون السوريون إلى بلادهم أو أي بلد لجوء، ويبقى لنا بلد "بالحد الأدنى يللي موجود فيه"".

وللحبيب باسكال، قال الحواط: "البطل لا يموت، مكانه في القلب والذاكرة، وانت باق في جبيل في كل زاوية وحي، باق في قلوب رفاقك في حزب "القوات اللبنانية" في كل منطقة ومدينة. انت في ضمير كثرٍ من اللبنانيين عرفك ولم يكن يعرفك، بكوا بموتك على وطن مجروح وحريّة وأمان مسلوبين، انت صورة للقوات البهية بالنضال، والتضحية، والاستقامة، وحب الوطن فوق كلّ حدود. انت مثال كل شاب وشابة آمنوا ببلدهم رغم كل الصعوبات. مع يسوع المسيح نقول الموت بداية. ومع موتك نقول: هذه ليست النهاية. معك، من مكانك، ومن مكاننا " كلّنا ... مكمّلين، ما منتعب ... مكمّلين، ما مننعس ... مكمّلين، ما منخاف ... مكمّلين، حتى استعادة لبنان وقيام الجمهورية القوية".


أما رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع فاستهل كلمته قائلا: "وداعاً رفيقي باسكال. الرفيق، ابن القضية، المناضل الحقيقي، الصادق، المستقيم، المؤمن، والذي يضحّي في كل شي حتى بحياته من أجل القضية. هذا أنت يا باسكال وهذه هي "القوات اللبنانية"".
اضاف: "من الممكن يا باسكال انك تسأل اليوم، مع العلم انني لا اعتقد ذلك لأنك من عليائك اصبحت ترى وتدرك كل الامور وتعرف ما الذي سيحصل، ولكن ايضا من الممكن ان كثرا يسألون: "طيب وهلق شو؟" الجواب بسيط وواضح جدا: "وقت الخطر قوات". فالمواجهة مستمرة، وستبقى الى حين الوصول الى شاطئ أمان فعلي، حقيقي، ثابت ونهائي. مواجهتنا ليست للأخذ بالثأر او ردة فعل او مواجهة طائفية او مناطقية او عرقية، بل هي من أجل الانتقال من الواقع المرير، المؤلم، المجرم، الفاشل الذي نعيش فيه منذ سنوات، الى الواقع الجديد المرتجى ككل مجتمعات العالم المتحضّر حيث يعيش الانسان فيه بأمان واستقرار وعزة وحرية وكرامة. واقع جديد يمكنه استيعاب الأجيال الجديدة وأحلامها وتطلّعاتها وآمالها، ويؤمن لها حياة كريمة وفرص نجاح لا تنتهي وآفاقا مستقبلية لا حدود لها، وذلك في لبنان وليس في أي بلد ثانٍ."
وأكد جعجع ان "مواجهتنا مستمرة مع جميع اللبنانيين الشرفاء الأحرار حتى الوصول "لهون بالتحديد"، كي لا نتعرض كل 5 او 10 سنوات الى حرب جديدة، وكي لا نعد نخجل بجواز سفرنا اللبناني امام العالم، كي لا نبقى "موسومين" ببلد الإرهاب والكبتاغون، كي لا تستمر عمليّات الاغتيال والقتل والخطف كما حصل مع باسكال".
اردف: "مواجهتنا مستمرة كي يصبح لدينا حدود معروفة ومحروسة ومضبوطة "مش إنّو سيّارة مجرمين، معن جثّة إنسان، تقدر بهالبساطة تقطع بين لبنان وسوريا". كي ننجح، اذا اردنا ديمقراطيا، تغيير سلطة فاشلة فاسدة، رمتنا في آخر طابق من جهنّم، بدلا من بقائها "قاعدي عا قلوب اللبنانيي" بفعل وهج السلاح غير الشرعي والتعطيل وضرب الدستور. كي ننجح في كشف الحقيقة في جريمة بحجم "جريمة المرفأ"، أو اغتيال لقمان سليم والياس الحصروني وباسكال سليمان، وكي ينال المجرمون عقابهم الذي يستحقونه ويكونوا عبرة لـ"كلّ حدا بيفكّر يمدّ إيدو عا لبناني". كي نستطيع عند مطالبنا بالحقيقة الا نُتّهم بإفتعال الفتن فنتحوّل بمنطق اللامنطق من ضحية الى قاتل، ومن مغدور الى عابث بالسلم الأهلي. وكي يبقى قرارنا بيدنا، "مش نوُعا بيوم من الإيام، متل ما صاير هلق، ونلاقي حالنا بحرب إلا اوّل ما إلا آخر، بقرار مدري من مين ومن وين جرّ ورح يجر علينا" أكثر وأكثر الويل والخراب الذي لبنان بغنى عنه ولا مصلحة له به".
كما شدد "رئيس القوات" من جديد على ان المواجهة المستمرة، باعتبار ان "الأمور لن تحل من دونها، على الرغم من انها يمكن ان تكون طويلة، لأنّ الحلول الجذرية والفعلية والجديّة تحتاج الى وقت وجهد وتعب ونفس طويل".
من هنا أعلن جعجع قائلا: ""تا ما حدا يغلط بحساباتو": لا يراهنّ أحد على خيبة أملنا فلن نيأس، لا يراهنّ أحد على تعبنا فلن نتعب، لا يراهنّ أحد على تراجعنا فلن نستسلم، لا يراهنّ أحد على ذاكرتنا فلن ننسى، لا يراهنّ أحد على الوقت كي نبدل رأينا فبالنسبة الينا "الفُ عامٍ في عينِك يا ربُّ كأمسِ الذي عَبَرْ"".
جعجع الذي لفت الى ان "الجميع يعي ان طريقنا ليست سهلة البتة اذ ان هدفنا ليس نيل المراكز والمواقع والمكاسب والمساومات و"لا بيع وشرى""، أكد ان "طريقنا صعبة "بتودّي، بس نمشيا كلّنا سوا، إيد بإيد" لتحقيق التغيير الحقيقي والفعلي لهذا الواقع الحالي".

اما الى الرفيق باسكال، فكلمة من جعجع: "كن مطمئنا، كما تعرفنا نحن مستمرون في متابعة المسيرة، كما تعرفنا "حرّاسنا ما بينعسوا"، كما تعرفنا "لا منخاف من شي، ولا منستهاب شي"".
وتوجّه الى اللبنانيين عموما والقواتيين خصوصا، بالقول: "نحن جاهزون وحاضرون دائما، ولو ان الصعوبات والملمات تعترض طريقنا الا اننا "ما منتركها تأخرنا ولا بيأخّرنا غدر"، فمهما كانت الطريقُ صعبة، شاقة، طويلة، ومتعرّجة، ففي نهايةِ المطافِ، لن تكونَ إلاّ مشيئته، وكما في السماءِ كذلك على أرضِنا المقدسة."
وختم: "المجدُ والخلودُ لشهيدِنا الغالي باسكال، في أَحضانِ سيدة ايليج سُلطانةِ الشهداء، العزةُ والكرامةُ والبقاءُ لشعبِنا الأبيِّ المستمرِّ في صمودِهِ".

بحث

الأكثر قراءة